النسخ المخطوطة:
صنف أبو الحسن كتاب "الممتع" وقدمه إلى الأمير أبي بكر عبد الله بن أبي الأصبغ عبد العزيز بن صاحب الرد، وقد صرح بذلك في خطبة كتابه وأشاد بالأمير إشادة بالغة.
والمشهور أن هذا الأمير١ شاعر أديب، ذواقة لأطراف العلوم، ولّاه ابن هود على رُندة، ثم سار إلى إشبيلية، وطرد والي ابن هود واستبد بها، واتفق وابن الأحمر على ابن هود. ولكن ابن الأحمر غدر به، وقتله عام ٦٣١.
وإذا استأنسنا بحياة الأمير أبي بكر، استطعنا أن نحدد التاريخ التقريبي، لتصنيف كتاب "الممتع". فالمعروف أن ابن هود تلقب بالمتوكل على الله سنة ٦٢٥، وانفصل٢ عنه أبو بكر عام ٦٢٩، حين ثار عليه في إشبيلية وطرد واليه. ولما كان ابن عصفور يشيد بأبي بكر٣، "الذي بذل جهده في نصر هذه الدعوة النبوية، ولم يأل جهده في عضد هذه الدولة المتوكلية"، فإن من البديهي أن يكون قد صنف هذا الكتاب، خلال السنوات التي كان فيها أبو بكر مخلصًا لابن هود المتوكل على الله. وذلك بين عامي ٦٢٥ و٦٢٩.
وقد بسط ابن عصفور مسائل التصريف، في هذا الكتاب، بسطًا مُسهَبًا مدعومًا بالتعليل والتفسير والحجاج والأدلة والشواهد، فكان من أشهر كتبه، ومن أمثل كتب الصرف المطولة،٤ حتى قل أن يخلو من مسائله كتاب من كتب المتأخرين. وكان أبو حيان النحوي شديد الإعجاب به، يقدمه على ما سواه، ولا يفارقه في الحل والترحال٥؛ لأنه كما يقول٦: "أحسن ما وضع في هذا الفن ترتيبًا، وألخصة تهذيبًا، وأجمعه تقسيمًا، وأقربه تفهيمًا".
_________
١ اختصار القدح المعلى ص١١٢، ١١٣.
٢ تاريخ ابن خلدون ٤: ١٦٩.
٣ الممتع ص٢٨.
٤ مفتاح السعادة ١: ٢١٨ وكشف الظنون ص١٨٢٢.
٥ بغية الوعاة ص ٣٥٧ وشذرات الذهب ص٣٣٠، ٣٣١ ومفتاح السعادة وكشف الظنون.
٦ المبدع الورقة ٢.
1 / 15