إذا كان هذا هو معول عقلاء المسلمين فلست أرى بينهم وبين المطلوب إلا عملا قليلا في تساهل يسير ، ومن الواجب حينئذ أن تقرر دراسة التاريخ الإسلامي المجهول للتلاميذ كتاريخ الأباضية مثلا و غيره فيقفون على سيرة أئمتهم العادلين المغاربة والمشارقة كوقوفهم على سيرة الخلفاء الراشدين و الملوك الأمويين والعباسيين ومن بعدهم كالسلاجقة والأيوبيين والفاطميين والعثمانيين وغيرهم من ملوك الأندلس والمغرب والمشرق ، فينشأ التلميذ ملما بجوانب التاريخ الإسلامي ، عالما بسير الملوك العادلين والجائرين ، فيقدر بفكره المستقل أولئك ، ويسير بما اتصفوا به من العدل والإحسان ، ويجهد نفسه بأن يكون عادلا في أعماله متصفا بالفضيلة في جميع أطوار حياته . وينقبض من هؤلاء وظلمهم ويمقت الجور ويزهد فيه ويتجنب كل نقيصة تشينه . وميزان العقل إذا أطلق من قيوده هو أعدل ميزان ، وحكمه إذا أخذ به على ضوء الإيمان بالله هو أصدق حكم ، ودين الإسلام واحد وتاريخه العام هو مرآته المنطبعة فيه صوره الصحيحة ، فلمثل هذا فليدع الداعي وليعمل العامل .
ومنها أني كنت جمعت قريبا من ثلث هذا الكتاب كرسالة ، ثم بعد وقت من ذلك رغب إلى بعض الأصدقاء أن أضع كتيبا مفيدا مختصرا في نفس الموضوع ، فلم أر من بأس في إجابته إلى ما رغب ، فحورت ما جمعته أولا وأضفت إليه ما مست الحاجة إلى إضافته ونسقته على الأسلوب الذي ستراه ، متوخيا الاختصار التام . إذ ما من أحد إلا ويلاحظ عليه أنه يرغب في أول ما يرغب معرفته منك حياتك التاريخية ومعتقداتك الدينية ، وهذا ما سيستفيده القارئ من هذا الكتاب فيما يختص بتاريخ الأباضية واعتقاداتهم ...
Страница 7