231

Краткое толкование Ибн Касира

مختصر تفسير ابن كثير

Издатель

دار القرآن الكريم

Номер издания

السابعة

Год публикации

1402 AH

Место издания

بيروت

Жанры

тафсир
مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ
- ١٢٨ - لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ
- ١٢٩ - وَللَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي هَذَا الْوَعْدِ: هَلْ كَانَ يَوْمَ بَدْرٍ أَوْ يَوْمَ أُحُد؟ عَلَى قَوْلَيْنِ، (أَحَدُهُمَا): أَنَّ قَوْلَهُ: ﴿إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ مُتَعَلِّقٌ بقوله: ﴿وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ الله ببدر﴾ وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ. قَالَ عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ عن الحسن في قوله: ﴿إذا تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ﴾، قَالَ: هَذَا يَوْمُ بدر. ووقال الرَّبِيعُ بْنُ أنَس: أَمَدَّ اللَّهُ الْمُسْلِمِينَ بِأَلْفٍ، ثُمَّ صَارُوا ثَلَاثَةَ آلَافٍ ثُمَّ صَارُوا خَمْسَةَ آلَافٍ، فَإِنْ قِيلَ: فَمَا الْجَمْعُ بَيْنَ هَذِهِ الْآيَةِ على هذا القول وبين قوله فِي قِصَّةِ بَدْرٍ: ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ - إلى قوله - إِن الله عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾؟ فالجواب أن التنصيص على الألف ههنا لَا يُنَافِي الثَّلَاثَةَ الْآلَافَ فَمَا فَوْقَهَا لِقَوْلِهِ: ﴿مُرْدِفِينَ﴾ بِمَعْنَى يَرْدَفُهُمْ غَيْرُهُمْ وَيَتْبَعُهُمْ أُلُوفٌ أُخَرُ مِثْلُهُمْ، وَهَذَا السِّيَاقُ شَبِيهٌ بِهَذَا السِّيَاقِ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ يَوْمَ بَدْرٍ كَمَا هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ أَنَّ قِتَالَ الْمَلَائِكَةِ إِنَّمَا كَانَ يَوْمَ بَدْرٍ، وَاللَّهُ أعلم
(الْقَوْلُ الثَّانِي): أَنَّ هَذَا الْوَعْدَ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: ﴿وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّىءُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ﴾ وَذَلِكَ يَوْمُ أحُد، وَهُوَ قول مجاهد وعكرمة والضحاك، لَكِنْ قَالُوا: لَمْ يَحْصُلِ الْإِمْدَادُ بِالْخَمْسَةِ الْآلَافِ لأن المسلمين فروا يومئذٍ وقوله تعالى: ﴿بلى إِن تَصْبِرُواْ تتقوا﴾ يعني تصبروا على مصابرة عدوكم، تتقوني وتطيعوا أمري، وقوله تعالى: ﴿وَيَأْتُوكُمْ مِّن فَوْرِهِمْ هَذَا﴾ قَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ: أَيْ مِنْ وَجْهِهِمْ هَذَا، وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ: أي من غضبهم هذا. وقال ابْنِ عَبَّاسٍ: مِنْ سَفَرِهِمْ هَذَا، وَيُقَالُ: مِنْ غضبهم هذا، وقوله تعالى: ﴿يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بخمسة آلالف مِّنَ الملائكة مُسَوِّمِينَ﴾ أي معلمين بالسيما. عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ﵁ قَالَ: كَانَ سِيمَا الْمَلَائِكَةِ يَوْمَ بَدْرٍ الصُّوفَ الْأَبْيَضَ، وَكَانَ سِيمَاهُمْ أَيْضًا فِي نَوَاصِي خيولهم.
وعن أبي هريرة ﵁ فِي هَذِهِ الْآيَةِ ﴿مُسَوِّمِينَ﴾ قَالَ: بِالْعِهْنِ الْأَحْمَرِ، وقال ابن عباس ﵁: أَتَتِ الْمَلَائِكَةُ مُحَمَّدًا ﷺ مُسَوِّمِينَ بِالصُّوفِ فَسَوَّمَ مُحَمَّدٌ وَأَصْحَابُهُ أَنْفُسَهُمْ وَخَيْلَهُمْ على سيماهم بالصوف، وقال قتادة وعكرمة: ﴿مُسَوِّمِينَ﴾ أي بسيما القتال. وعن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ سِيمَا الْمَلَائِكَةِ يَوْمَ بدر عمائم بيض قَدْ أَرْسَلُوهَا فِي ظُهُورِهِمْ، وَيَوْمَ حُنَيْنٍ عَمَائِمَ حمر، وَلَمْ تَضْرِبِ الْمَلَائِكَةُ فِي يَوْمٍ سِوَى يَوْمِ بدر، وكانوا يكونون عددًا ومددًا لا يضربون. وقوله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ﴾ أَيْ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ وأعلمكم بإنزالهم إِلَّا بِشَارَةً لَكُمْ وَتَطْيِيبًا لِقُلُوبِكُمْ وَتَطْمِينًا، وَإِلَّا فَإِنَّمَا النَّصْرُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الَّذِي لَوْ شَاءَ لَانْتَصَرَ مِنْ أَعْدَائِهِ بِدُونِكُمْ، وَمِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إِلَى قِتَالِكُمْ لَهُمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى بَعْدَ أَمْرِهِ الْمُؤْمِنِينَ بِالْقِتَالِ: ﴿ذَلِكَ وَلَوْ يَشَآءُ اللَّهُ لاَنْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ ليبو بعضكم بِبَعْضٍ﴾، ولهذا قال ههنا: ﴿وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ
إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ﴾ أَيْ هُوَ ذُو الْعِزَّةِ الَّتِي لَا تُرَامُ، وَالْحِكْمَةِ فِي قَدَرِهِ وَالْإِحْكَامِ.

1 / 316