Краткое толкование Ибн Касира
مختصر تفسير ابن كثير
Издатель
دار القرآن الكريم
Номер издания
السابعة
Год публикации
1402 AH
Место издания
بيروت
Жанры
тафсир
مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ
- ٨٥ - وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ
يَقُولُ تَعَالَى مُنْكِرًا عَلَى مَنْ أَرَادَ دِينًا سِوَى دِينِ اللَّهِ، الَّذِي أَنزَلَ به كتبه وأرسل به رسله، وَهُوَ عِبَادَةُ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، الذي له أسلم من في السموات وَالْأَرْضِ، أَيِ اسْتَسْلَمَ لَهُ مِنْ فِيهِمَا طَوْعًا وَكَرْهًا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَللَّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السموات والأرض طَوْعًا وَكَرْهًا﴾ وقال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِن دَآبَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ * يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ فَالْمُؤْمِنُ مُسْتَسْلِمٌ بِقَلْبِهِ وَقَالَبِهِ لِلَّهِ، وَالْكَافِرُ مُسْتَسْلِمٌ لِلَّهِ كَرْهَا، فَإِنَّهُ تَحْتَ التَّسْخِيرِ وَالْقَهْرِ وَالسُّلْطَانِ الْعَظِيمِ الَّذِي لَا يُخَالِفُ وَلَا يُمَانِعُ، وَقَدْ قال وكيع في تفسيره عن مجاهد: ﴿وَلَهُ أَسْلَمَ مَن في السموات وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا﴾، قَالَ: هُوَ كَقَوْلِهِ: ﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خلق السموات والأرض ليقولون الله﴾، ﴿وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ﴾ أَيْ يَوْمَ الْمَعَادِ فَيُجَازِي كُلًّا بِعَمَلِهِ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: ﴿قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ عَلَيْنَا﴾ يَعْنِي الْقُرْآنَ، ﴿وَمَآ أُنزِلَ على إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وإسحق وَيَعْقُوبَ﴾ أَيْ مِنَ الصُّحُفِ وَالْوَحْيِ، ﴿وَالْأَسْبَاطِ﴾ وَهُمْ بُطُونُ بَنِي إِسْرَائِيلَ الْمُتَشَعِّبَةُ مِنْ أَوْلَادِ إِسْرَائِيلَ - وهو يَعْقُوبُ - الِاثْنَيْ عَشَرَ، ﴿وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى﴾ يَعْنِي بِذَلِكَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ، ﴿وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ﴾ وَهَذَا يَعُمُّ جَمِيعَ الْأَنْبِيَاءِ جُمْلَةً، ﴿لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ﴾ يَعْنِي بَلْ نُؤْمِنُ بِجَمِيعِهِمْ، ﴿وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ فَالْمُؤْمِنُونَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يُؤْمِنُونَ بِكُلِّ نَبِيٍّ أُرْسِلَ وَبِكُلِّ كِتَابٍ أُنْزِلَ، لَا يَكْفُرُونَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، بَلْ هُمْ يصدقون بِمَا أُنْزِلَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَبِكُلِّ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللَّهُ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ﴾ الآية. أَيْ مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا سِوَى مَا شَرَعَهُ اللَّهُ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ، ﴿وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رد».
- ٨٦ - كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ
- ٨٧ - أُولَئِكَ جَزَآؤُهُمْ أَنَّ عليهم لعنة الله والملائكة والناس أَجْمَعِينَ
- ٨٨ - خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ
- ٨٩ - إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِّن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُواْ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
قَالَ ابْنُ جرير عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ أَسْلَمَ ثُمَّ ارْتَدَّ وَلَحِقَ بِالشِّرْكِ، ثُمَّ ندم فأرسل إلى قومه أن سلو رَسُولُ اللَّهِ ﷺ هَلْ لي من توبة؟ فَنَزَلَتْ: ﴿كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ - إلى قوله - فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾، فأرسل إليه قومه فأسلم (رواه النسائي والحاكم وابن ماجة) ﴿وَجَآءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ﴾ أَيْ قَامَتْ عَلَيْهِمُ الْحُجَجُ وَالْبَرَاهِينُ على صدق
1 / 297