Краткое толкование Ибн Касира
مختصر تفسير ابن كثير
Издатель
دار القرآن الكريم
Номер издания
السابعة
Год публикации
1402 AH
Место издания
بيروت
Жанры
тафсир
- ١٤٥ - وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَّا تَبِعُواْ قِبْلَتَكَ وَمَآ أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم مِنْ بَعْدِ مَا جَآءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًَا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ
يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ كُفْرِ الْيَهُودِ وَعِنَادِهِمْ، وَمُخَالَفَتِهِمْ مَا يَعْرِفُونَهُ مِنْ شَأْنِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَأَنَّهُ لَوْ أَقَامَ عَلَيْهِمْ كُلَّ دَلِيلٍ عَلَى صِحَّةِ مَا جَاءَهُمْ بِهِ لَمَا اتَّبَعُوهُ وَتَرَكُوا أَهْوَاءَهُمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ* وَلَوْ جَآءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حتى يَرَوُاْ العذاب الأليم﴾، ولهذا قال ههنا: ﴿وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَّا تَبِعُواْ قِبْلَتَكَ﴾، وَقَوْلُهُ: ﴿وَمَآ أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ﴾ إِخْبَارٌ عَنْ شِدَّةِ مُتَابَعَةِ الرَّسُولِ ﷺ لِمَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ، وَأَنَّهُ كَمَا هُمْ مُسْتَمْسِكُونَ بِآرَائِهِمْ وَأَهْوَائِهِمْ، فَهُوَ أَيْضًا مُسْتَمْسِكٌ بِأَمْرِ اللَّهِ وَطَاعَتِهِ وَاتِّبَاعِ مَرْضَاتِهِ، وَأَنَّهُ لَا يَتَّبِعُ أَهْوَاءَهُمْ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ، ولا كونه متوجهًا إلى بيت المقدس لكونها قِبْلَةُ الْيَهُودِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ عَنْ أَمْرِ اللَّهِ تعالى، ثم حذَّر تَعَالَى عَنْ مُخَالَفَةِ الْحَقِّ الذِي يَعْلَمُهُ الْعَالِمُ إِلَى الْهَوَى، فَإِنَّ الْعَالِمَ الْحُجَّةُ عَلَيْهِ أَقْوَمُ مِنْ غَيْرِهِ. وَلِهَذَا قَالَ مُخَاطِبًا لِلرَّسُولِ وَالْمُرَادُ به الأمة: ﴿وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم مِنْ بَعْدِ مَا جَآءَكَ مِنَ العلم إِنَّكَ إِذًَا لَّمِنَ الظالمين﴾.
- ١٤٦ - الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ
- ١٤٧ - الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ
يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّ عُلَمَاءَ أَهْلِ الْكِتَابِ يَعْرِفُونَ صِحَّةَ مَا جَاءَهُمْ بِهِ الرَّسُولُ ﷺ كَمَا يَعْرِفُ أَحَدُهُمْ وَلَدَهُ، وَالْعَرَبُ ⦗١٤٠⦘ كَانَتْ تَضْرِبُ الْمِثْلَ فِي صِحَّةِ الشَّيْءِ بِهَذَا كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ لِرَجُلٍ مَعَهُ صَغِيرٌ: «ابْنُكُ هَذَا»؟ قَالَ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَشْهَدُ به، قال: «أما أنه لا يخفى عليك ولا تخفى عليه» ويروى عن عمر أنه قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ: أَتَعْرِفُ مُحَمَّدًا كما تعرف ولدك؟ قال: نعم وأكثر، نظل الْأَمِينُ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى الْأَمِينِ فِي الْأَرْضِ بنعته فعرفته، وابني لا أدري ما كان من أمه (قُلْتُ): وَقَدْ يَكُونُ الْمُرَادُ: ﴿يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ﴾ من بين أبناء الناس كلهم، لا يشك أحد ولا يمتري في معرفة ابنه إذا رآه من أَبْنَاءِ النَّاسِ كُلِّهِمْ، ثُمَّ أَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُمْ مَعَ هَذَا التَّحَقُّقِ وَالْإِتْقَانِ الْعِلْمِيِّ، ﴿لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ﴾ أَيْ لَيَكْتُمُونِ النَّاسَ مَا فِي كُتُبِهِمْ مِنْ صِفَةِ النَّبِيِّ ﷺ ﴿وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾، ثم ثبَّت تعالى نبيّه ﷺ وَالْمُؤْمِنِينَ وَأَخْبَرَهُمْ بِأَنَّ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ ﷺ هُوَ الْحَقُّ الذِي لَا مِرْيَةَ فِيهِ وَلَا شَكَّ فَقَالَ: ﴿الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ﴾.
1 / 139