Краткое толкование Аль-Багауи, также известное как Маалим ат-Танзиль
مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل
Издатель
دار السلام للنشر والتوزيع
Номер издания
الأولى
Год публикации
١٤١٦هـ
Место издания
الرياض
Жанры
ماله هو المستحق الحجر عَلَيْهِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مُبَذِّرًا فِي مَالِهِ أَوْ مُفْسِدًا فِي دِينِهِ، فَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ: (وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ)، أَيْ: الْجُهَّالَ بِمَوْضِعِ الْحَقِّ (أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا)، أصله: قواما، فانقلبت الواو ياء لِانْكِسَارِ مَا قَبْلَهَا، وَهُوَ مَلَاكُ الْأَمْرِ وَمَا يَقُومُ بِهِ الْأَمْرُ. وَأَرَادَ هَاهُنَا قِوَامَ عَيْشِكُمُ الَّذِي تَعِيشُونَ بِهِ. قَالَ الضَّحَّاكُ: بِهِ يُقَامُ الْحَجُّ وَالْجِهَادُ وَأَعْمَالُ الْبِرِّ وَبِهِ فَكَاكُ الرِّقَابِ مِنَ النَّارِ. ﴿وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا﴾ [النساء: ٥] أي: أطعموهم، ﴿وَاكْسُوهُمْ﴾ [النساء: ٥] لِمَنْ يَجِبُ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُ وَمُؤْنَتُهُ، وَإِنَّمَا قَالَ (فِيهَا) وَلَمْ يَقُلْ: منها، لأنه أراد أنهم جعلوا لَهُمْ فِيهَا رِزْقًا فَإِنَّ الرِّزْقَ مِنَ اللَّهِ الْعَطِيَّةُ مِنْ غَيْرِ حد، ومن العباد أجر مُوَقَّتٌ مَحْدُودٌ، ﴿وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا﴾ [النساء: ٥] عِدَةً جَمِيلَةً، وَقَالَ عَطَاءٌ: إِذَا ربحت أعطيتك وإن غنمت فلك فيه حظ، وَقِيلَ: هُوَ الدُّعَاءُ، وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: إِنْ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يجب عليك نفقته، فقل له: عافانا الله وإياك بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ، وَقِيلَ: قَوْلًا تطيب به أنفسهم.
[٦] قوله تعالى: ﴿وَابْتَلُوا الْيَتَامَى﴾ [النساء: ٦] أي: اخْتَبِرُوهُمْ فِي عُقُولِهِمْ وَأَدْيَانِهِمْ وَحِفْظِهِمْ أَمْوَالَهُمْ، ﴿حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ﴾ [النساء: ٦] أَيْ: مَبْلَغَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، ﴿فَإِنْ آنَسْتُمْ﴾ [النساء: ٦] أبصرتم، ﴿مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ﴾ [النساء: ٦] فَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ يَعْنِي: عَقْلًا وَصَلَاحًا فِي الدِّينِ وَحِفْظًا لِلْمَالِ وَعِلْمًا بِمَا يُصْلِحُهُ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٌ وَالشَّعْبِيُّ: لَا يَدْفَعُ إِلَيْهِ مَالَهُ وَإِنْ كَانَ شَيْخًا حَتَّى يُؤْنِسَ مِنْهُ رُشْدَهُ، وَالِابْتِلَاءُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِهِمْ فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَتَصَرَّفُ فِي السُّوقِ فَيَدْفَعُ الْوَلِيُّ إِلَيْهِ شَيْئًا يَسِيرًا مِنَ الْمَالِ وَيَنْظُرُ فِي تَصَرُّفِهِ وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَتَصَرَّفُ فِي السوق فيختبره فِي نَفَقَةِ دَارِهِ، وَالْإِنْفَاقِ عَلَى عَبِيدِهِ وَأُجَرَائِهِ، وَتُخْتَبَرُ الْمَرْأَةُ فِي أمر بيتها وحفظ متاعها، فإذا رأى حسن تدبير، وتصرف فِي الْأُمُورِ مِرَارًا يَغْلِبُ عَلَى الْقَلْبِ رُشْدُهُ، دَفَعَ الْمَالَ إِلَيْهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَلَّقَ زَوَالَ الْحَجْرِ عَنِ الصَّغِيرِ وَجَوَازَ دَفْعِ الْمَالِ إِلَيْهِ بِشَيْئَيْنِ: بِالْبُلُوغِ والرشد، والبلوغ يَكُونُ بِأَحَدِ أَشْيَاءَ أَرْبَعَةٍ، اثْنَانِ يَشْتَرِكُ فِيهِمَا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ، وَاثْنَانِ مختصان بالنساء، أَحَدُهُمَا السِّنُّ، وَالثَّانِي الِاحْتِلَامُ، أَمَّا السِّنُّ فَإِذَا اسْتَكْمَلَ الْمَوْلُودُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً حُكِمَ بِبُلُوغِهِ غُلَامًا كان أو جارية، وَأَمَّا الِاحْتِلَامُ فَنَعْنِي بِهِ نُزُولَ الْمَنِيِّ سَوَاءً كَانَ بِالِاحْتِلَامِ أَوْ بِالْجِمَاعِ، أَوْ غَيْرِهِمَا، فَإِذَا وَجَدْتَ ذَلِكَ بَعْدَ اسْتِكْمَالِ تِسْعِ سِنِينَ مِنْ أَيِّهِمَا كَانَ حُكْمٌ بِبُلُوغِهِ، أما مَا يَخْتَصُّ بِالنِّسَاءِ فَالْحَيْضُ وَالْحَبَلُ، فَإِذَا حَاضَتِ الْمَرْأَةُ بَعْدَ اسْتِكْمَالِ تِسْعِ سِنِينَ يُحْكَمُ بِبُلُوغِهَا، وَكَذَلِكَ إِذَا وَلَدَتْ يُحْكَمُ بِبُلُوغِهَا قَبْلَ الْوَضْعِ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ لِأَنَّهَا أَقَلُّ مُدَّةِ الْحَمْلِ. وَأَمَّا الرُّشْدُ فَهُوَ أَنْ يَكُونَ مُصْلِحًا فِي دِينِهِ وماله، والصلاح فِي الدِّينِ هُوَ أَنْ يَكُونَ مُجْتَنِبًا عَنِ الْفَوَاحِشِ وَالْمَعَاصِي الَّتِي تُسْقِطُ الْعَدَالَةَ، وَالصَّلَاحُ فِي الْمَالِ هو ألا يَكُونَ مُبَذِّرًا، وَالتَّبْذِيرُ: هُوَ أَنْ يُنْفِقَ مَالَهُ فِيمَا لَا يَكُونُ فِيهِ مَحْمَدَةٌ دُنْيَوِيَّةٌ وَلَا مَثُوبَةٌ أُخْرَوِيَّةٌ، أَوْ لَا يُحْسِنُ التَّصَرُّفَ فيها، فيغبن في البيوع، قوله تعالى: ﴿وَلَا تَأْكُلُوهَا﴾ [النساء: ٦] يا معشر الأولياء ﴿إِسْرَافًا﴾ [النساء: ٦] بغير حق، ﴿وَبِدَارًا﴾ [النساء: ٦] أي: مبادرة، ﴿أَنْ يَكْبَرُوا﴾ [النساء: ٦] و(أَنْ) فِي مَحَلِّ النَّصْبِ، يَعْنِي: لَا تُبَادِرُوا كِبَرَهُمْ وَرُشْدَهُمْ حَذَرًا مِنْ أَنْ يَبْلُغُوا فَيَلْزَمَكُمْ تَسْلِيمَهَا إِلَيْهِمْ، ثُمَّ بَيَّنَ مَا يَحِلُّ لهم ومن مَالِهِمْ فَقَالَ: ﴿وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ﴾ [النساء: ٦] أَيْ لِيَمْتَنِعْ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ فلا يرزؤه قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا، وَالْعِفَّةُ الِامْتِنَاعُ مِمَّا لَا يَحِلُّ، ﴿وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا﴾ [النساء: ٦] مُحْتَاجًا إِلَى مَالِ الْيَتِيمِ وَهُوَ يحفظه ويتعهده، ﴿فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [النساء: ٦] وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّهُ هَلْ يَلْزَمُهُ القضاء، فذهب بعضهم إلى أن يَقْضِي إِذَا أَيْسَرَ وَهُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ: (فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ)، فَالْمَعْرُوفُ الْقَرْضُ، أَيْ: يَسْتَقْرِضُ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ إِذَا احْتَاجَ إِلَيْهِ، فَإِذَا أيسر قضاه، وَقَالَ قَوْمٌ: لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ،
1 / 166