Краткое толкование Аль-Багауи, также известное как Маалим ат-Танзиль
مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل
Издатель
دار السلام للنشر والتوزيع
Номер издания
الأولى
Год публикации
١٤١٦هـ
Место издания
الرياض
Жанры
(واهجرني مليا) أَيْ: حِينًا طَوِيلًا، ثُمَّ ابْتَدَأَ فقال: ﴿إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ﴾ [آل عمران: ١٧٨] نُمْهِلُهُمْ ﴿لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ﴾ [آل عمران: ١٧٨] قَالَ مُقَاتِلٌ: نَزَلَتْ فِي مُشْرِكِي مَكَّةَ، وَقَالَ عَطَاءٌ: فِي قُرَيْظَةَ والنضير.
[١٧٩] قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ﴾ [آل عمران: ١٧٩] اختلفوا فِي حُكْمِ الْآيَةِ وَنَظْمِهَا، فَقَالَ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ وَالضَّحَّاكُ وَمُقَاتِلٌ وَالْكَلْبِيُّ وَأَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ: الْخِطَابُ لِلْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ، يَعْنِي: ﴿مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ﴾ [آل عمران: ١٧٩] يَا مَعْشَرَ الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ مِنَ الْكُفْرِ وَالنِّفَاقِ ﴿حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ﴾ [آل عمران: ١٧٩] وَقَالَ قَوْمٌ: الْخِطَابُ لِلْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ أَخْبَرَ عَنْهُمْ، مَعْنَاهُ: مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَكُمْ يَا مَعْشَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْتِبَاسِ الْمُؤْمِنِ بِالْمُنَافِقِ، فَرَجَعَ مِنَ الْخَبَرِ إِلَى الْخِطَابِ، (حَتَّى يَمِيزَ الخبيث من الطيب)، وقرأ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَيَعْقُوبُ بِضَمِّ الْيَاءِ وتشديدها وَكَذَلِكَ الَّتِي فِي الْأَنْفَالِ، وَقَرَأَ الباقون بالتخفيف، يُقَالُ: مَازَ الشَّيْءَ يَمِيزُهُ مَيْزًا وَمَيَّزَهُ تَمْيِيزًا إِذَا فَرَّقَهُ فَامْتَازَ، هانما هُوَ بِنَفْسِهِ، قَالَ أَبُو مُعَاذٍ إِذَا فَرَّقْتَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ، قُلْتَ: مِزْتُ مَيْزًا فَإِذَا كَانَتْ أَشْيَاءَ قُلْتَ: مَيَّزْتُهَا تَمْيِيزًا، وَكَذَلِكَ إِذَا جَعَلْتَ الشَّيْءَ الْوَاحِدَ شَيْئَيْنِ قُلْتَ: فرقت بالتخفيف، ومنه فرقت الشَّعْرِ، فَإِنْ جَعَلْتَهُ أَشْيَاءَ، قُلْتَ: فَرَّقْتُهُ تَفْرِيقًا، وَمَعْنَى الْآيَةِ: حَتَّى يُمَيِّزَ الْمُنَافِقَ مِنَ الْمُخْلِصِ، فَمَيَّزَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ يَوْمَ أحد حيث أظهروا النفاق فتخلفوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَقَالَ قَتَادَةُ: حَتَّى يَمِيزَ الْكَافِرَ مِنَ الْمُؤْمِنِ بِالْهِجْرَةِ وَالْجِهَادِ، وَقَالَ الضَّحَّاكُ: (مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ) فِي أَصْلَابِ الرِّجَالِ وَأَرْحَامِ النِّسَاءِ يَا مَعْشَرَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُفَرِّقَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ مَنْ فِي أَصْلَابِكُمْ وَأَرْحَامِ نِسَائِكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَقِيلَ: (حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ) وَهُوَ الْمُذْنِبُ (مِنَ الطَّيِّبِ) وهو المؤمن، يعني: حتى تحط الْأَوْزَارَ عَنِ الْمُؤْمِنِ بِمَا يُصِيبُهُ مِنْ نَكْبَةٍ وَمِحْنَةٍ وَمُصِيبَةٍ، ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ﴾ [آل عمران: ١٧٩] لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ الْغَيْبَ أَحَدٌ غير الله، ﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ﴾ [آل عمران: ١٧٩] فَيُطْلِعُهُ عَلَى بَعْضِ عِلْمِ الْغَيْبِ، نَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا - إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ﴾ [الجن: ٢٦ - ٢٧] وَقَالَ السُّدِّيُّ: مَعْنَاهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَ مُحَمَّدًا ﷺ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ اجْتَبَاهُ، ﴿فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ [آل عمران: ١٧٩]
[١٨٠] ﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ﴾ [آل عمران: ١٨٠] أَيْ: وَلَا يَحْسَبَنَّ الْبَاخِلُونَ الْبُخْلَ خيرا لهم، ﴿بَلْ هُوَ﴾ [آل عمران: ١٨٠] يَعْنِي: الْبُخْلَ، ﴿شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ﴾ [آل عمران: ١٨٠] أَيْ: سَوْفَ يُطَوَّقُونَ، ﴿مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [آل عمران: ١٨٠] يَعْنِي: يَجْعَلُ مَا مَنَعَهُ مِنَ الزَّكَاةِ حَيَّةً تُطَوَّقُ فِي عُنُقِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَنْهَشُهُ مِنْ فَوْقِهِ إلى قدمه، هذا قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ، وقال إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: مَعْنَى الْآيَةِ يَجْعَلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي أَعْنَاقِهِمْ طَوْقًا مِنَ النَّارِ، قَالَ مُجَاهِدٌ: يُكَلَّفُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنْ يَأْتُوا بِمَا بَخِلُوا بِهِ فِي الدُّنْيَا مِنْ أَمْوَالِهِمْ. وَرَوَى عَطِيَّةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي أَحْبَارِ الْيَهُودِ الَّذِينَ كَتَمُوا صِفَةِ مُحَمَّدٍ ﷺ وَنُبُوَّتَهُ، وَأَرَادَ بِالْبُخْلِ كِتْمَانَ الْعِلْمِ كَمَا قَالَ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ ﴿الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ [النِّسَاءِ: ٣٧] وَمَعْنَى قَوْلِهِ (سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) أَيْ: يَحْمِلُونَ وِزْرَهُ وَإِثْمَهُ، كقوله تعالى: ﴿يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ﴾ [الْأَنْعَامِ: ٣١] ﴿وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ [آل عمران: ١٨٠] يَعْنِي: أَنَّهُ الْبَاقِي الدَّائِمُ بَعْدَ فَنَاءِ خَلْقِهِ وَزَوَالِ أَمْلَاكِهِمْ فَيَمُوتُونَ وَيَرِثُهُمْ، نَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا﴾ [مَرْيَمَ: ٤٠] ﴿وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ [آل عمران: ١٨٠] قرأ أهل البصرة ومكة بالياء، وقرأ الآخرون بالتاء.
[قَوْلُهُ تَعَالَى لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ] اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ. . . .
[١٨١] قَوْلُهُ تَعَالَى:
1 / 158