Краткое объяснение Ибн Джама'ах на Аль-Кава'ид Аль-Сугра - в рамках 'Асар Аль-Муалими'
مختصر شرح ابن جماعة على القواعد الصغرى - ضمن «آثار المعلمي»
Исследователь
أسامة بن مسلم الحازمي
Издатель
دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع
Номер издания
الأولى
Год публикации
١٤٣٤ هـ
Жанры
الرسالة الثالثة
مختصر شرح ابن جماعة
على القواعد الصغرى لابن هشام
20 / 69
القواعد الصغرى لمحمد بن هشام مع بعض
تقريراتٍ من شرحها لابن جماعة ــ كما نَبَّهتُ عليها ــ (^١)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
(م) وبعد هذه [نكتة] (^٢) يسيرة اختصرتُها من قواعد الإعراب تسهيلًا على الطلاب وتقريبًا على أولي الألباب، وهذه تنحصر في ثلاثة أبواب:
الباب الأول: في الجمل، وفيه أربع من المسائل:
الأولى: أنَّ اللفظ المفيد يُسمَّى كلامًا وجملة.
(ش) نكتة: لا يشترط في الكلام صُدورُه من ناطق واحدٍ ولا قَصْد المتكلم لكلامه، ولا إفادة المخاطب شيئًا يجهله على الصحيح في الثلاث. كذا في الارتشاف (^٣)، ويظهر أَثَر الخلاف في الفروع (^٤) انتهى.
(م) وأنَّ الجملة اسميّة إنْ بُدِئَت باسم نحو: زيدٌ قائمٌ، وفعلية إنْ بُدِئَت بفِعْل نحو: قام زيدٌ.
(ش) الاسم يدلُّ على الثبوت، والفعل على التجدد، فالاسميَّةُ إنَّما تدل
_________
(^١) وكان تنبيهه بوضع حرف (الميم) فوق المتن إشارة إليه، ووضع حرف (الشين) فوق الشرح والتقرير إشارة إليه أيضًا.
(^٢) زيادة من رسالة "نكتة في الإعراب" ــ ضمن مقالات هامة لابن هشام.
(^٣) لم أجد كلام أبي حيان في "الارتشاف"، ووجدته في "شرحه للتسهيل" (١/ ٣٤) وما بعدها، وكذلك في "الهمع" (١/ ٣٠).
(^٤) يريد "الفروع الفقهية"، وقد مثَّل لها الأسنوي في كتابه "التمهيد في تخريج الفروع على الأصول" (ص ٣٥).
20 / 71
على الثبوت إذا كان عَجُزُها اسمًا كصَدْرها. اهـ.
(م) وصغرى إنْ بُنيت على غيرها كـ (قام أبوه) مِنْ قولك: زيدٌ قام أبوه.
وكُبْرى إنْ كان ضِمْنَها جُمْلةٌ كمجموع: زيدٌ قام أبوه.
(م) الجمل التي لها محلٌّ من الإعراب سَبْعٌ:
إحداها: الواقعة خبرًا ومَوضعُها رَفْعٌ في بابيْ المبتدأ و(إنَّ) نحو: زيدٌ قام أبوه، وإنَّ زيدًا قام أبوه، ونَصْبٌ في بابيْ كان وكاد، نحو: كان زيدٌ أبوه قائمٌ، وكاد زيدٌ يَفْعَلُ.
(ش) واختلف في نحو: زيدٌ اضربْه، وعمروٌ هل جاءك؟
فقيل: محل الجملةِ رَفْعٌ على الخبريَّة وهو الصحيح، وقيل: نَصْبٌ بناءً على أنَّ الجملة الإنشائية لا تكون خبرًا وهو باطلٌ (^١). اهـ.
(م) الثانية والثالثة: الواقعة حالًا والواقعة مفعولًا ومحلُّهما النَّصْبُ نحو: جاء زيدٌ يضحك، وقال زيدٌ: عمروٌ منطلقٌ.
(ش) الواقعة من محل المفعول قد تكون في محل رَفْعٍ بالنيابة ومن الناس من جعل الجملة تقع فاعلًا، ومن الجمل المحكيَّة بالقول ما قد يخفى كقوله تعالى: ﴿فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا إِنَّا لَذَائِقُونَ﴾ الأصل: إنكم (^٢) لذائقون عذابي.
_________
(^١) انظر "المغني" لابن هشام (ص ٥٣٦) ط الأفغاني.
(^٢) قال ابن هشام في "المغني" (ص ٥٤٠): والأصل إنكم لذائقون عذابي ثم عدل إلى التكلم؛ لأنهم تكلَّموا بذلك عن أنفسهم.
20 / 72
والقول قد يجيء بمعنى الظن فينصب مفعولين، وقد تقع بعد القول جملةٌ غير محكيَّة نحو: أوّل قولي: إنّي أحمد اللهَ ــ بكسر إنَّ ــ فالجملة خبرٌ لا مفعولٌ خلافًا لأبي علي (^١).
(م) والرابعة المضاف إليها ومَحلُّها الجرُّ نحو: "يوم هم بارزون".
(ش) لا يضاف إلى الجمل إلَّا ثمانية:
أسماء الزمان ظروفًا أو لا.
و(حيثُ) ظرفًا أَمْ لا خلافًا لمن زعمه (^٢).
و(آية) بمعنى: علامة على قول سيبويه، وزعم أبو الفتح (^٣) أنها إنّما تضاف إلى المفرد.
و(ذي) في قول بعضهم: "اذْهَبْ بِذي تَسْلم"، والباءُ: فيه ظرفيَّةٌ، وذي: صفةٌ لزمنٍ محذوف، وذي بمعنى صاحب صفةٌ لمحذوفٍ تقديره: وقت
_________
(^١) الحسن بن أحمد بن عبد الغفار أبو علي الفارسي الإمام العلامة المعروف أخذ النحو عن الزجاج، وبرع فيه وانتهت إليه رئاسته، وصحب عضد الدولة فعظَّمه وأحسن إليه له مؤلفات عديدة منها: "التذكرة"، و"الحجة"، و"الإغفال"، و"الإيضاح"، و"التكملة" وغير ذلك توفي سنة (٣٧٧ هـ). راجع "البلغة" للفيروز آبادي.
(^٢) أي: زعم عدم إضافتها إلى الجمل وهو ــ أي الزاعم ــ المهدوي شارح "مقصورة ابن دريد" كما أفاده ابن هشام في "المغني" (ص ٥٤٨).
(^٣) عثمان بن جني أبو الفتح الموصلي تلميذ أبي علي الفارسي الإمام المعروف ذو التصانيف المشهورة لازم أبا علي أربعين سنة توفي سنة (٣٩٢ هـ). راجع "البلغة" (ص ١٤١).
20 / 73
وقيل: بل بمعنى (الذي) فلا محلَّ للجملة إذْ هي صلةٌ.
الخامس: (لَدُنْ) زمانيةً أو مكانية.
السادس: (ريث)، وهي مصدر رَاثَ أي: أبطأ. ولابن مالكٍ مقالتان فيها وفي (لدن):
الأولى: أنهما عوملا معاملة أسماء الزمان في الإضافة كما عُوملت المصادر معاملتها في التوقيت (^١).
والثانية: زعم في كافيته وشرحها أنَّ الفعل بعدهما على إضمار (أنْ) (^٢).
(م) والخامسة: الواقعة جوابًا لشرطٍ جازم إذا كانت مقرونة بالفاء أو بـ إذا الفجائية نحو: ﴿مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ﴾ [الأعراف: ١٨٦]، ﴿وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ﴾ [الروم: ٣٦].
(ش) عِلّةُ انجزام الجملة في الموضعين محلًّا أنَّها لم تصدَّر بصَدْرٍ يقبل الجزم لفظًا، والفاءُ المقدَّرة كالمذكورة. اهـ.
(م) السادسة والسابعة: التابعة لمفرد أو جملةٍ لها محلٌّ نحو: ﴿مِنْ قَبْلِ
_________
(^١) ما في "التسهيل وشرحه" (٣/ ٢٦٠) أنَّ هذه المعاملة خاصة في (ريث) وكذا تجده في "المغني" لابن هشام (ص ٥٥٠).
(^٢) انظر الكافية وشرحها لابن مالك (٢/ ٩٤٦ - ٩٤٨).
تنبيه: وبقي عليه مما يضاف إلى الجمل ــ وقد سبق أنها ثمانية ــ:
السابع والثامن: (قول ــ وقائل). راجع مغني ابن هشام (ص ٥٥١).
20 / 74
أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ﴾ [إبراهيم: ٣١] فجملة المنفي صفة ليوم. الثانية: نحو: زيدٌ قام أبوه وقعد أخوه.
(ش) التابعة للمفرد ثلاثة أنواع:
المنعوت بها، والمعطوفة بالحرف، والمبدلة.
والتابعة لجملةٍ تكون هذه في التوابع عدا النعت (^١)، وتكون في التعجُّب على رأي السكاكي (^٢).
وشرط البدل كون الأولى غيرَ وافية، والثانية أوفى أو كالوافية أو كالأوفى.
(م) المسألة الثالثة:
الجمل التي لا محلَّ لها سَبْعٌ:
إحداها: الابتدائية وتسمّى المستأنفة نحو: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ﴾ [يوسف: ٢].
(ش) مِنَ الجمل ما جرى خلافٌ في أنّه مستأنفٌ أم لا.
_________
(^١) جعلها ابن هشام في بابيْ النسق والبدل خاصَّة، وأمَّا التوكيد فاعترض به الدماميني على ابن هشام وأجاب عنه الشمني بما تراه في حاشية الأمير على المغني (٢/ ٧٠).
(^٢) لم أجد قول السكاكي في المفتاح، ولم يشر إليه أحدٌ عند هذه المسألة مِنْ أرباب الحواشي على مغني اللبيب وغيرها من كتب النحو.
والسكاكي هو يوسف بن أبي بكر الخوارزمي إمام في النحو والتصريف والمعاني والبيان والاستدلال والعروض والشعر. مات بخوارزم سنة (٦٢٦ هـ). انظر "بغية الوعاة" (٢/ ٣٦٤).
20 / 75
مِنْ ذلك (أقومُ) مِن قولك: إنْ قام زيدٌ أقومُ. فالمبرّدُ يرى أنَّه على إضمار الفاء، وسيبويه: أنّه مؤخّر عن تقديم، فإذا عُطفَ عليه فِعْلٌ جَوَّزَ الأول (^١) رَفْعه عطفًا على اللفظ، وجزمه على المحلّ، والثاني (^٢) الرفعَ فقط (^٣).
(م) الثانيةُ: الواقعة صلةً نحو: الذي قام أبوه.
(ش) آباء العبّاس وبكر وعلي والفتح وآخرون أنَّ (كان) الناقصة لا مصدر لها (^٤). اهـ.
(م) الثالثة: المعترضة نحو: ﴿فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا﴾ [البقرة: ٢٤].
(ش) يجوز الاعتراض بأكثر من جملةٍ خلافًا لأبي علي (^٥). وكثيرًا ما تشتبه المعترضة بالحاليّة لكنّها تتميز عنها؛ فالمعترضة تكون غير خبريّة، ويجوز تصديرها بدليل استقبال ويجوز اقترانها بالفاء، ويجوز اقترانها بالواو
_________
(^١) أي: المبرّد.
(^٢) أي: سيبويه.
(^٣) انظر بسط المسألة في مغني ابن هشام بحاشية الدسوقي (٢/ ٤٤).
(^٤) يريد أبا العباس المبرد، وأبا بكر السراج، وأبا علي الفارسي، وأبا الفتح ابن جني، والمسألة المشار إليها تتضح بما في "المغني" من قول ابن هشام: "وأمَّا قول أبي البقاء في: ﴿بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ﴾ [البقرة: ١٠] إنَّ (ما) مصدريّة وصلتها (يكذبون) وحكمه مع ذلك بأن يكذبون في موضع نصب خبرًا لـ (كان) فظاهره متناقض، ولعل مراده أن المصدر إنما ينسبك من (ما) و(يكذبون) لا منها ومِنْ (كان) بناءً على قول أبي العباس وأبي بكر وأبي علي وأبي الفتح: إنَّ كان الناقصة لا مصدر لها. اهـ.
(^٥) راجع "المغني" (ص ٥١٥)، و"شرح قواعد الإعراب" للكافيجي (ص ١٦٩).
20 / 76
مع تصديرها بالمضارع المثبت (^١).
(م) الرابعة: التفسيرية نحو: ﴿وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ﴾ [البقرة: ٢١٤].
(ش) فجملة: ﴿مَسَّتْهُمُ﴾ ... الخ مفسِّرة لـ (مَثَل).
وحقيقتُها هي: فَضْلةٌ كاشفةٌ لحقيقة ما تليه، وذهب الشلوبين (^٢) إلى أنَّ المفسرة لها محلٌّ بحسب ما تفسِّره (^٣). اهـ.
(م) الخامسة: جواب القسم نحو قوله تعالى: ﴿قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ﴾ [ص: ٨٢].
(ش) ووقع لمكي (^٤) وأبي البقاء (^٥) وَهَمٌ فيها فأعرباها بما يقتضي أنَّ
_________
(^١) في الأصل: (بالمضارع والمثبت) والتصويب من "المغني"، (ص ٥٢١).
(^٢) عمر بن محمد الإشبيلي الأزدي أبو علي المعروف بالشلوبين ومعناه بلغة أهل الأندلس: (الأشقر الأبيض) كان إمام عصره في العربية بلا مدافع، وآخر أئمة هذا الشأن بالمشرق والمغرب، وكان ذا معرفة بنقد الشعر وغيره. مات سنة (٦٤٥ هـ). انظر "البغية" (٢/ ٢٢٤).
(^٣) راجع "المغني" (ص ٥٢٦)، وشرح قواعد الإعراب للقوجي (ص ٥٠).
(^٤) مكي بن أبي طالب القيسي، النحوي المقرئ الإمام المشهور صاحب التصانيف التي منها مشكل إعراب القرآن، توفي سنة (٤٣٧ هـ). انظر "البلغة" (ص ٢٢٥).
(^٥) عبد الله بن الحسين أبو البقاء العكبري البغدادي الحنبلي صاحب الإعراب تفقّه بالقاضي أبي يعلى الفراء ولازمه، وقرأ العربية على ابن الخشاب، له مؤلفات كثيرة منها: "إعراب القرآن" و"إعراب الحديث"، و"شرح الفصيح" وغيرها، توفي سنة (٦١٦ هـ). انظر "البغية" للسيوطي (٢/ ٣٨).
20 / 77
لها محلًّا (^١).
تنبيهٌ: مَنَع ثعلب (^٢) من وقوع القسم خَبَرًا، ومراده أنَّ جملة القسم وجوابها لا يكونان خبرًا (^٣).
(م) السادسة: جواب الشرط غير الجازم نحو: ﴿وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا﴾ [الأعراف: ١٧٦].
(ش) مثل (لو ــ لولا ــ ولمَّا ــ وكيف)، وكذا جواب الجازم إذا لم يقترن بالفاء لا محلَّ له. اهـ.
(م) السابعة: التابعة لِمَا لا محلَّ له، نحو: قام زيدٌ و(^٤) قعد عمروٌ.
(م) المسألة الرابعة:
الجملة الخبرية بعد النكرات المحضة صفاتٌ صناعيةٌ نحو: ﴿حَتَّى
_________
(^١) قوله: (فيها) أي: في جملة جواب القسم، وكذلك الضمير في (أعرباها) أمَّا مكي فوقع وهمه في قوله تعالى: ﴿كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ﴾ [الأنعام: ١٢]، وأمَّا أبو البقاء ففي قوله تعالى: ﴿لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ﴾ [آل عمران: ٨١]، وانظر التفصيل فيها في كتاب "المغني" لابن هشام (ص ٥٣٢).
(^٢) أحمد بن يحيى بن بدر الشيباني أبو العباس ثعلب إمام الكوفيين، له معرفة بالقراءات، وكان حجة ثقة، وله مؤلفات من أشهرها الفصيح، توفي سنة (٢٩١ هـ). انظر "البلغة" (ص ٦٥).
(^٣) راجع "المغني" (ص ٥٢٩)، و"شرح قواعد الإعراب" للأزهري (ص ٤٩).
(^٤) حاشية: "حرف عطفٍ لا حال".
20 / 78
تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ﴾ [الإسراء: ٩٣].
وبعد المعارف المحضة أحوال نحو: ﴿وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ﴾ [المدثر: ٦]، ومنها محتملٌ لهما نحو: مررتُ برجلٍ صالح يصلِّي. ﴿وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ﴾ [يس: ٣٧].
20 / 79
الباب الثاني
في الظرف والجار والمجرور
وفيه أربع مسائل:
أحدها: لابدَّ من تعليقها بفِعْلٍ أو بما في معناه.
(ش) سكت عن قسم ثالث وهو التَّعلُّق بما أُوّل بمُشْبِه الفعل ذكره في المغني (^١)، ومثَّل له بقوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ﴾ [الزخرف: ٨٤]. وذهب ابنا طاهر (^٢) وخروف (^٣) والكوفيون إلى أنَّه لا تقدير في نحو: زيد عندك أو في الدار، فقالا: الناصبُ المبتدأ، وزعما أنَّه يرفع الخبر إذا كان عينه، وينصبه إذا كان غيره وأنَّ هذا مذهب سيبويه، وقال الكوفيون: النائب أمْرٌ معنوي وهو كونهما مخالفين للمبتدأ، ولا يُعَوَّل على هذين المذهبين (^٤).
_________
(^١) انظر "مغني اللبيب" (ص ٥٦٧).
(^٢) محمد بن أحمد بن طاهر الأنصاري الإشبيلي أبو بكر نحوي مشهور حافظ بارع اشتهر بتدريس الكتاب، وله على الكتاب طرر مدونة اعتمدها تلميذه ابن خروف في شرحه. توفي (٥٨٠ هـ). انظر "البغية" (١/ ٢٨).
(^٣) علي بن محمد بن علي بن نظام الدين أبو الحسن ابن خروف الأندلسي كان إمامًا في العربية محققًا مدققًا ماهرًا مشاركًا في الأصول أخذ النحو عن ابن طاهر صنَّف شرح سيبويه، وشرح الجمل ووقع في جبٍّ ليلًا فمات سنة (٦٠٩ هـ). انظر "البغية" (٢/ ٢٠٣).
(^٤) راجع "المغني" (ص ٥٦٦)، و"حاشية الدسوقي" عليه (٢/ ٨٧).
20 / 80
(م) وقد اجتمعا في قوله تعالى: ﴿أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ﴾ [الفاتحة: ٧].
(ش) قال في الكشاف: "فإنْ قلتَ: أيُّ فَرْق بين ﴿عَلَيْهِمْ﴾ الأولى والثانية؟
قلتُ: الأولى محلّها النصب على المفعولية، والثانية محلها الرفع على الفاعلية (^١).
وقال ذلك؛ لأنَّ النائب عن الفاعل من قبيل الفاعل عنده (^٢).
* نكتةٌ:
هل يتعلَّقان بالفعل الناقص عند مَنْ زَعَم أنَّه لا يدلُّ على الحدث؟
مَنَع من ذلك [قومٌ] وهم المبرّد والفارسي وابن جنّي والجرجاني (^٣) وابن بَرهان (^٤) ثم الشلوبين، والصحيح أنها كلها دالَّةٌ عليه إلا (ليس).
_________
(^١) راجع "الكشاف" للزمخشري (١/ ٢٧).
(^٢) أي: عند الزمخشري.
(^٣) عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني النحوي الإمام المشهور أبو بكر، أخذ النحو عن ابن أخت الفارسي، ولم يأخذ عن غيره لأنه لم يخرج عن بلده، وكان من كبار أئمة العربية والبيان شافعيًا، له مؤلفات منها: "المغني في شرح الإيضاح"، "المقتصد"، "الجمل"، "العوامل المائة" وغيرها. مات سنة (٤٧١ هـ) وقيل: (٤٧٤ هـ). راجع "البغية" (٢/ ١٠٦).
(^٤) عبد الواحد بن علي بن عمر بن برهان الأسدي النحوي، صاحب العربية واللغة والتواريخ وأيام العرب، قرأ على عبد السلام البصري وكان أول أمره منجّمًا فصار نحويًّا، وكان زاهدًا. مات سنة (٤٥٦ هـ). راجع "البغية" (٢/ ١٢٠).
20 / 81
وهل يتعلقان بفعل المدح والذمّ؟
زعم الفارسي أنّهما يتعلقان بـ (نِعْمَ)، وأباه ابنُ مالك (^١).
وهل يتعلقان بأحرف المعاني المشهورة؟ (^٢)
مُنع، وقيل: نَعَم، وفصَّل أبوا الفتح وعليٍّ (^٣) قالا: إنْ كان نائبًا عن فِعلٍ حُذِفَ جاز نيابةً لا أصالةً، وإلا فلا (^٤).
(م) ويستثنى من حروف الجرّ أربعةٌ لا تتعلق بشيء وهو: الزائد نحو: ﴿كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا﴾.
ولعلَّ نحو قوله:
لعل أبي المغوار منك قريبُ (^٥)
ولولا كقولك (^٦):
لولاك في ذا العام لم أحججِ (^٧)
_________
(^١) انظر "المغني" (ص ٥٧١)، و"شرح التسهيل" لابن مالك (١/ ٢١٨).
(^٢) في الأصل المخطوط: "وهل يتعلقان بفعل بأحرف ... إلخ" والتصويب من المغني.
(^٣) أي: ابن جني والفارسي.
(^٤) انظر "شرح الكافيجي لقواعد الإعراب" (ص ٢٢٢).
(^٥) هذا العجز لكعب بن سعد الغنوي من قصيدة مشهورة في "الأصمعيات" (ص ٩٦) وصدره: (فقلت ادع أخرى وارفع الصوت جهرةً).
وانظر "أمالي ابن الشجري" (١/ ٣٦١).
(^٦) هكذا في المخطوط والمناسب: "كقوله".
(^٧) هذا الشطر نسب لعمر بن أبي ربيعة، وللعرجي وليس في ديوانه، ولأعرابي مجهول وصدره: (أومتْ بعينيها من الهودجِ).
راجع "خزانة الأدب" للبغدادي (٥/ ٣٣٣)، و"أمالي ابن الشجري" (١/ ٢٧٨) و"الإنصاف" (٢/ ٦٩٣).
20 / 82
وكاف التشبيه نحو: زيدٌ كعمرٍو.
(ش) قال في المغني (^١): "اللام المقوّية لها منزلةٌ بين المنزلتين، والجرُّ بـ (لولا) قول سيبويه، وتوجيه عدم تعلقها هي و(لعل) لأنَّها بمنزلة الزائدتين لارتفاع ما بعدهما على الابتداء عند الإسقاط". هـ.
(م) المسألة الثانية:
حُكْمُهما بعد المعرفة والنكرة حُكْمُ الجمل ــ فيما تقدّم ــ فيتعيَّن كونهما صفتين صناعيتيْن نحو: رأيتُ طائرًا على غُصْنٍ أو فوق غُصْن، وكونهما حاليْن وذلك في نحو: ﴿فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ﴾ [القصص: ٧٩].
وقولك: رأيتُ الهلالَ بين السحاب.
ويحتملان الوجهان (^٢) وذلك في نحو: هذا ثمرٌ يانعٌ على أغصانه أو فوق أغصانه.
المسألة الثالثة:
متى وقع أحدهما صفةً أو صلةً أو خبرًا أو حالًا تعلَّق بمحذوف وجوبًا تقديره: كائنٌ أو استقرّ.
_________
(^١) راجع "مغني اللبيب" (ص ٥٧٦).
(^٢) كذا في الأصل المخطوط وهو جائز على لغة من ألزم المثنى الألف، وإن كان الأكثر نصبه بالياء فيقال: ويحتملان الوجهين.
20 / 83
(ش) قال ابن يعيش (^١): صرَّح ابن جنّي (^٢) بجواز إظهار متعلّق الظرف الواقع خبرًا، قال في المغني (^٣): "وعندي أنّه إذا حُذف فنقل ضميره إلى الظرف لم يجز إظهاره لأنّه صار أصلًا". اهـ.
(م) إلّا الصلة فيجب تقديره (استقرّ).
(ش) يبقى أربعةٌ من الثمانية التي يتعلقان فيها بمحذوف:
أوّلها: أنْ يرفعا الاسمَ الظاهر.
ثانيها: أنْ يستعمل المتعلق محذوفًا نحو: (حينئذٍ، والآن). لِمنْ ذكر أمرًا تقادم عَهْدُه أي: كان ذلك حينئذٍ، واسمعِ الآن.
ثالثُها: أن يكون المتعلّق محذوفًا على شريطة التفسير، نحو: (يوم الجمعة صُمْتُ فيه).
رابعها: القَسَمُ بغير الباء، والقسم كالصلة في وجوب كونه: استقرَّ.
* تنبيهٌ:
قال ابن يعيش: "إنما لم يجز في الصفةِ أنْ يقال في نحو: (جاء الذي في
_________
(^١) أبو البقاء يعيش بن علي بن يعيش موفق الدين الحلبي الإمام المعروف شارح المفصل، ولد سنة (٥٥٣ هـ)، وقرأ النحو بحلب وسمع الحديث على التكريتي، ورحل إلى بغداد، وكان من كبار أئمة العربية ماهرًا في النحو والتصريف، مات سنة (٦٤٣ هـ). انظر "البغية" (٢/ ٣٥١).
(^٢) في الأصل المخطوط: "ابن مالك" وهو خطأ ظاهر فابن يعيش متقدم على ابن مالك، وصوابه "ابن جني" كما في شرح المفصَّل (١/ ٩١).
(^٣) راجع "مغني اللبيب" (ص ٥٨٢).
20 / 84
الدار) بتقدير: مستقر على أنَّه خبر لمحذوفٍ على حدِّ قراءة بعضهم: ﴿تَمَامًا عَلَى الَّذِي أحسَنُ﴾ (^١) [الأنعام: ١٥٤] بقِلَّة ذلك واطّراد هذا (^٢).
وكذا يجب في الصفة في نحو: (رَجُلٌ في الدار فَلَهُ درهمٌ).
لأنَّ الفاء تجوز في نحو: رَجُلٌ يأتيني فله درهم، ويمتنع رَجُلٌ صالح فله درهم.
واعلم أنَّه اخْتُلف في الصفة والحال والخبر.
والأكثرون على تقدير الفعل لأنَّه الأصل في العمل، فطائفةٌ قدروا الوصف تمسكًا بأنَّ الأصل في الثلاثة الإفراد، وبأنَّ الفعل منها لابدَّ من تقديره بالوصف، وطائفةٌ أجازوا الأمريْن على السواء.
وطائفة رجَّحت الوصف (^٣).
وما تُمسِّك به كذلك من الفعل أو الاسم قيل: علَّتُه أنَّه ليس بشيء؛ لأنَّ
_________
(^١) برفع نون (أحسن) وهي قراءة شاذة نسبت ليحيى بن يعمر وابن أبي إسحاق والحسن والأعمش، وانظر توجيهها والكلام عليها في كتاب إعراب القراءات الشواذ للعكبري (١/ ٥٢٣).
(^٢) راجع "المغني" (ص ٥٨٣).
(^٣) في الأصل المخطوط بعد كلمة الوصف: "وطائفة" والكلام لا يستقيم بها. وهذه العبارة الأخيرة: "وطائفة رجحت الوصف" لعلها تكرار.
راجع المسألة والأقوال فيها في مغني اللبيب (ص ٥٨٣)، و"شرح الكافيجي لقواعد الإعراب" (ص ٢٤٦)، و"شرح القوجوي لقواعد الإعراب" (ص ٧٥)، و"العقد الوسيم في أحكام الجار والمجرور والظرف" للأخفش اليمني (ص ٦٥).
20 / 85
ذلك يختلف بحسب المقام.
قلتُ (^١): وفي هذا نَظَرٌ وَجْههُ أنَّهم تمسكوا بما هو مِنْ مبحوثاتهم وسكتوا عن غيره؛ إذْ لا تعلُّق لهم به فافْهَمْ. اهـ.
(م) المسألة الرابعة:
إذا وقع أحدهما صفة أو صلة أو خبرًا أو حالًا أو معتمدًا على النفي أو الاستفهام جَاز رَفْعُه للفاعل نحو قوله تعالى: ﴿أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ﴾ [البقرة: ١٩].
(ش) اعلم أنَّ النُّحاة اختلفوا في هذا المرفوع على ثلاثة مذاهب (^٢):
أحدها: أنَّ الأرجح كونه مبتدأً مُخْبرًا عنه بأحدهما.
الثاني: عكسُه اختاره ابن مالك؛ لأنَّ الأصل عدمُ التقديم والتأخير.
الثالث: وجوب كونه فاعلًا، وهل عاملُه أحدهما للنيابة عن استخدام الفعل أمْ هو العامل؟
فيه مذهبان قال في المغني: "والمختار الثاني لدليلين:
أحدهما: امتناع تقديم الحال في نحو: زيدٌ في الدار جالسًا، ولو كان
_________
(^١) لا أدري إنْ كان القائل ابن جماعة أم المعلمي؛ إذْ إنّ الكلام السابق كله مستفاد من المغني حيث لخّصه ابن جماعة وهذا التعقيب فيه ردٌّ على ابن هشام القائل باعتبار المعنى أو المقام في التقدير، وهو من جنس فن البلاغة ولا دخل له في الصناعة النحوية التي تمسك بها النحاة.
(^٢) راجع المغني (ص ٥٧٨).
20 / 86
العاملُ الفعلَ لم يمتنع" (^١).
فإذا لم يعتمد (^٢) فالأخفش والكوفيون يجيزون الوجهين (^٣).
_________
(^١) لم يذكر الدليل الثاني وهو في المغني حيث قال ابن هشام: "ولقوله:
فإنَّ فؤادي عندك الدهرَ أجمعُ
فأكَّد الضمير المستتر في الظرف، والضمير لا يستتر إلا في عامله". راجع "المغني" (ص ٥٧٩).
(^٢) أي: الظرف والجار والمجرور على الاستفهام.
(^٣) والجمهور يوجبون الابتداء. راجع "المغني" (ص ٥٧٩).
20 / 87
(م) الباب الثالث
فيما يقال عند ذِكْر أدواتٍ يكثر دورها في الكلام
وهي خمس وعشرون:
فيقال في الواو: حرف عَطْف لمطلق الجمع.
وفي الفاء: حرف عَطْفٍ للترتيب والتعقيب.
(ش) اعلم أنَّ الفاء المفردة مهملةٌ خلافًا (^١) لبعض الكوفيين في قولهم: إنها ناصبة في نحو: ما تَأْتينا فَتُحدِّثَنَا، وللمبرّد في قوله: إنّها خافضةٌ في نحو:
فَمِثْلِكِ حُبْلى ........... (^٢)
وقال الفراء: لا تفيد الترتيب مع قوله: إنَّ الواو تفيده ــ وهو عجيبٌ ــ وقال الجرمي (^٣): لا تفيده في البقاع والأمطار (^٤).
_________
(^١) انظر المذاهب والأقوال في حرف (الفاء) في "المغني" (ص ٢١٣)، و"الجنى الداني" للمرادي (ص ٦١).
(^٢) هذا جزء من صدر بيت لامرئ القيس من معلقته المشهورة وتمامه:
فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع ... فألهيتها عن ذي تمائم محول
راجع "شرح القصائد السبع الطوال" للأنباري (ص ٣٩).
(^٣) صالح بن إسحاق أبو عمر الجرمي مولاهم، وقيل مولى لبجيلة، إمام في النحو، ناظر الفراء ببغداد أخذ عن الأخفش وغيره، عالم دين ورع له مصنفات منها كتاب الفرخ مات سنة (٢٢٥ هـ). انظر "البلغة" (ص ١١٣).
(^٤) في الأصل المخطوط: "الأقطار"، وتصويبها من مغني اللبيب (ص ٢١٤) حيث مثّل عليها بقوله: "مطرنا مكان كذا فمكان كذا" ثم شرحه. وانظر أيضًا "حاشية الدسوقي" (١/ ١٧٣).
20 / 88
(م) وفي (ثُم): حرف عَطْفٍ للترتيب والمهلة.
(ش) زعم الكوفيون أنَّ التشريك قد يتخلف (^١) وذلك بعد وقوعها زائدة، وزعم فريقٌ أنَّ الترتيبَ لا يكون مقتضاها، وزعم الفراءُ أن المهلةَ قد تتخلف (^٢)، اهـ.
(م) وفي (قد): حرف تحقيق وتوقُّعٍ وتقليل.
(ش) قد: حرفيَّةٌ واسميّةٌ.
والاسميّةُ إمّا اسمُ فِعْل مرادفٌ لِحَسْب، وهي مبنيَّةٌ وقد تُعْرب.
* تنبيهٌ:
لا تجيء (قَدْ) لمعانيها الثلاثة جُملةً، وإنّما مراده أنَّها تجيء تارةً لهذا، وتارةً لهذا، وكذلك غيرها ممَّا سيُذكر. اهـ.
(م) وفي السين وسوف حَرفُ استقبال (^٣)، وهو خيرٌ مِنْ قول كثيرٍ: "حرف تنفيس".
(ش) وليس السين مُنْقطعًا عن سوف (^٤)، ولا مُدَّة الاستقبال أضيقَ
_________
(^١) في المخطوط: "يختلف" والتصويب من "المغني" (ص ١٥٨).
(^٢) راجع "المغني" (ص ١٥٨)، و"الجنى الداني" (ص ٤٢٧).
(^٣) هي عبارة الزمخشري في المفصل وغيره من النحاة. راجع شرح المفصل لابن يعيش (٨/ ١٤٨).
(^٤) هكذا بالأصل (ومنقطع) وُجدت بالرفع، وفي "المغني" (ص ١٨٤): "وليس مقتطعًا من سوف ... ".
20 / 89