Краткий молниеносный удар по джахмитам и отрицателям

Ибн Мухаммад Шамс ад-Дин Ибн Маусили d. 774 AH
55

Краткий молниеносный удар по джахмитам и отрицателям

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

Исследователь

سيد إبراهيم

Издатель

دار الحديث

Номер издания

الأولى

Год публикации

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

Место издания

القاهرة - مصر

Жанры

سُطُوحُ جِسْمٍ آخَرَ يُحِيطُ بِالْجِسْمِ ذِي الْجِهَاتِ السِّتِّ، فَأَمَّا الْجِهَاتُ الَّتِي هِيَ سُطُوحُ الْجِسْمِ نَفْسِهِ فَلَيْسَتْ بِمَكَانٍ لِلْجِسْمِ نَفْسِهِ أَصْلًا، وَأَمَّا سُطُوحُ الْأَجْسَامِ الْمُحِيطَةِ فَهِيَ لَهُ مَكَانٌ مِثْلَ سُطُوحِ الْهَوَاءِ الْمُحِيطِ بِالْإِنْسَانِ، وَسُطُوحِ الْفَلَكِ الْمُحِيطِ بِسُطُوحِ الْهَوَاءِ هِيَ أَيْضًا مَكَانُ هَوَاءٍ، وَهَكَذَا الْأَفْلَاكُ بَعْضُهَا مُحِيطَةٌ بِبَعْضٍ وَمَكَانٌ لَهُ، وَأَمَّا سَطْحُ الْفَلَكِ الْخَارِجِ فَقَدْ تَبَرْهَنَ أَنَّهُ لَيْسَ خَارِجَهُ جِسْمٌ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ خَارِجَ ذَلِكَ الْجِسْمِ جِسْمٌ آخَرُ، وَيَمُرُّ إِلَى غَيْرِ نِهَايَةٍ، فَإِذَنْ سَطْحُ آخَرِ أَجْسَامِ الْعَالَمِ لَيْسَ مَكَانًا أَصْلًا، إِذْ لَيْسَ يُمْكِنُ أَنْ يُوجَدَ فِيهِ جِسْمٌ، فَإِذَنْ إِنْ قَامَ الْبُرْهَانُ عَلَى وُجُودِ مَوْجُودٍ فِي هَذِهِ الْجِهَةِ فَوَاجِبٌ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ جِسْمٍ، وَالَّذِي يَمْنَعُ وُجُودَهُ هُنَاكَ هُوَ عَكْسُ مَا ظَنَّهُ الْقَوْمُ، وَهُوَ مَوْجُودٌ هُوَ جِسْمٌ لَا مَوْجُودَ لَيْسَ بِجِسْمٍ. وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَقُولُوا: إِنَّ خَارِجَ الْعَالِمِ خَلَاءٌ، وَذَلِكَ أَنَّ الْخَلَاءَ قَدْ تَبَيَّنَ فِي الْعُلُومِ النَّظَرِيَّةِ امْتِنَاعُهُ ; لِأَنَّ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ اسْمُ الْخَلَاءِ لَيْسَ هُوَ شَيْئًا كَثُرَ مِنْ أَبْعَادٍ لَيْسَ فِيهَا جِسْمٌ، أَعْنِي طُولًا وَعَرْضًا وَعُمْقًا، لِأَنَّهُ إِنْ رُفِعَتِ الْأَبْصَارُ عَنْهُ عَادَ عَدَمًا، وَإِنْ فَرَضْتَ الْخَلَاءَ مَوْجُودًا لَزِمَ أَنْ يَكُونَ أَعْرَاضًا مَوْجُودَةً فِي غَيْرِ جِسْمٍ، وَذَلِكَ أَنَّ الْأَبْعَادَ هِيَ أَعْرَاضٌ فِي بَابِ الْكَمِّيَّةِ وَلَا بُدَّ، وَلَكِنَّهُ قِيلَ فِي الْآرَاءِ السَّالِفَةِ الْقَدِيمَةِ وَالشَّرَائِعِ الْغَابِرَةِ: إِنَّ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ لَيْسَ بِمَكَانٍ وَلَا يَحْوِيهِ زَمَانٌ، وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ كُلُّ مَا يَحْوِيهِ الْمَكَانُ وَالزَّمَانُ فَاسِدًا فَقَدْ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مَا هُنَالِكَ غَيْرُ فَاسِدٍ وَلَا كَائِنٍ، وَقَدْ بَيَّنَ هَذَا الْمَعْنَى مَا أَقُولُهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ هَاهُنَا شَيْءٌ إِلَّا هَذَا الْمَوْجُودُ الْمَحْسُوسُ أَوِ الْعَدَمُ، وَكَانَ مِنَ الْمَعْرُوفِ بِنَفْسِهِ أَنَّ الْمَوْجُودَ شَيْءٌ إِنَّمَا يُنْسَبُ إِلَى الْوُجُودِ، أَعْنِي أَنَّهُ يُقَالُ: مَوْجُودًا أَيْ فِي الْوُجُودِ، إِذْ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ مَوْجُودٌ فِي الْعَدَمِ، فَإِنْ كَانَ مَوْجُودٌ هُوَ أَشْرَفُ الْمَوْجُودَاتِ فَوَاجِبٌ أَنْ يَنْتَسِبَ مِنَ الْمَوْجُودِ الْمَحْسُوسِ إِلَى الْحَيِّزِ الْأَشْرَفِ وَهِيَ السَّمَاوَاتُ، وَلِشَرَفِ هَذَا الْحَيِّزِ قَالَ تَعَالَى: ﴿لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [غافر: ٥٧] وَهَذَا كُلُّهُ يَظْهَرُ عَلَى التَّمَامِ لِلْعُلَمَاءِ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ. فَقَدْ ظَهَرَ لَكَ مِنْ هَذَا أَنَّ إِثْبَاتَ الْجِهَةِ وَاجِبٌ بِالشَّرْعِ وَالْعَقْلِ، وَأَنَّهُ الَّذِي جَاءَ بِهِ الشَّرْعُ وَابْتُنِيَ عَلَيْهِ، فَإِنَّ إِبْطَالَ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ إِبْطَالٌ لِلشَّرَائِعِ، وَإِنَّ وَجْهَ الْعُسْرِ فِي تَفَهُّمِ هَذَا الْمَعْنَى مَعَ نَفْيِ الْجِسْمِيَّةِ هُوَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْمُشَاهَدِ مِثَالٌ لَهُ، فَهُوَ بِعَيْنِهِ السَّبَبُ فِي

1 / 69