Краткий молниеносный удар по джахмитам и отрицателям
مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة
Редактор
سيد إبراهيم
Издатель
دار الحديث
Номер издания
الأولى
Год публикации
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م
Место издания
القاهرة - مصر
Жанры
فَقْدُ الْخَيْرِ وَأَسْبَابِهِ، وَذَلِكَ هُوَ الشَّرُّ وَالْأَلَمُ، فَإِذَا بَقِيَتِ النَّفْسُ عَلَى عَدَمِ كَمَالِهَا الْأَصْلِيِّ وَهِيَ مُتَحَرِّكَةٌ بِالذَّاتِ لَمْ تُخْلَقْ سَاكِنَةً؛ تَحَرَّكَتْ فِي أَسْبَابِ مُضَارَّتِهَا وَأَلَمِهَا، فَتُعَاقَبُ بِخَلْقِ أُمُورٍ وُجُودِيَّةٍ، يُرِيدُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ تَكْوِينَهَا عَدْلًا مِنْهُ فِي هَذِهِ النَّفْسِ وَعُقُوبَةً لَهَا، وَذَلِكَ خَيْرٌ مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ عَدْلًا وَحِكْمَةً وَعِبْرَةً وَإِنْ كَانَ شَرًّا بِالْإِضَافَةِ إِلَى الْمُعَذَّبِ وَالْمُعَاقَبِ، فَلَمْ يَخْلُقِ اللَّهُ سُبْحَانَهُ شَرًّا مُطْلَقًا بَلِ الَّذِي خَلَقَهُ مِنْ ذَلِكَ خَيْرٌ فِي نَفْسِهِ وَحِكْمَةٌ وَعَدْلٌ، وَهُوَ شَرٌّ نِسْبِيٌّ إِضَافِيٌّ فِي حَقِّ مَنْ أَصَابَهُ، كَمَا إِذَا أَنْزَلَ الْمَطَرَ وَالثَّلْجَ وَالرِّيَاحَ وَأَطْلَعَ الشَّمْسَ كَانَتْ هَذِهِ خَيْرَاتٍ فِي نَفْسِهَا وَحِكَمٍ وَمَصَالِحَ، وَإِنْ كَانَتْ شَرًّا نِسْبِيًّا إِضَافِيًّا فِي حَقِّ مَنْ تَضَرَّرَ بِهَا.
وَبِالْجُمْلَةِ فَالْكَلِمَةُ الْجَامِعَةُ لِهَذَا هِيَ الْكَلِمَةُ الَّتِي أَثْنَى بِهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى رَبِّهِ حَيْثُ يَقُولُ: " «وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ» " فَالشَّرُّ لَا يُضَافُ إِلَى مَنِ الْخَيْرُ بِيَدَيْهِ، وَإِنَّمَا يُنْسَبُ إِلَى الْمَخْلُوقِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ - مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ﴾ [الفلق: ١ - ٢] فَأَمَرَهُ أَنْ يَسْتَعِيذَ بِهِ مِنَ الشَّرِّ الَّذِي فِي الْمَخْلُوقِ، فَهُوَ الَّذِي يُعِيذُ مِنْهُ وَيُنْجِي مِنْهُ، وَإِذَا أَخْلَى الْعَبْدُ قَلْبَهُ مِنْ مَحَبَّتِهِ وَالْإِنَابَةِ إِلَيْهِ، وَطَلَبَ مَرْضَاتِهِ، وَأَخْلَى لِسَانَهُ مِنْ ذِكْرِهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، وَجَوَارِحَهُ مِنْ شُكْرِهِ وَطَاعَتِهِ، فَلَمْ يُرِدْ مِنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ وَنَسِيَ رَبَّهُ، لَمْ يُرِدِ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَنْ يُعِيذَهُ مِنْ ذَلِكَ وَنَسِيَهُ كَمَا نَسِيَهُ، وَقَطَعَ الْإِمْدَادَ الْوَاصِلَ إِلَيْهِ مِنْهُ كَمَا قَطَعَ الْعَبْدُ الْعُبُودِيَّةَ وَالشُّكْرَ وَالتَّقْوَى الَّتِي تَنَالُهُ مِنْ عِبَادِهِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ﴾ [الحج: ٣٧] فَإِذَا أَمْسَكَ الْعَبْدُ عَمَّا يَنَالُ رَبَّهُ مِنْهُ أَمْسَكَ الرَّبُّ عَمَّا يَنَالُ الْعَبْدَ مِنْ تَوْفِيقِهِ، وَقَدْ صَرَّحَ سُبْحَانَهُ بِهَذَا الْمَعْنَى بِعَيْنِهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ [الأنعام: ١١٠] أَيْ نُخَلِّي بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ نُفُوسِهِمُ الَّتِي لَيْسَ لَهُمْ مِنْهَا إِلَّا الظُّلْمُ وَالْجَهْلُ، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ﴾ [الحشر: ١٩] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ﴾ [المائدة: ٤١] فَعَدَمُ إِرَادَتِهِ تَطْهِيرَهُمْ، وَتَخْلِيَتُهُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ نُفُوسِهِمْ أَوْجَبَ لَهُمْ مِنَ الشَّرِّ مَا أَوْجَبَهُ.
فَالَّذِي إِلَى الرَّبِّ وَبِيَدَيْهِ وَمِنْهُ هُوَ الْخَيْرُ، وَالشَّرُّ كَانَ مِنْهُمْ مَصْدَرُهُ وَإِلَيْهِمْ كَانَ مُنْتَهَاهُ، فَمِنْهُمُ ابْتَدَأَتْ أَسْبَابُهُ بِخِذْلَانِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُمْ تَارَةً وَبِعُقُوبَتِهِ لَهُمْ بِهِ تَارَةً، وَإِلَيْهِمُ انْتَهَتْ غَايَتُهُ وَوُقُوعُهُ، فَتَأَمَّلْ هَذَا الْمَوْضِعَ كَمَا
1 / 259