171

Краткий молниеносный удар по джахмитам и отрицателям

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

Исследователь

سيد إبراهيم

Издатель

دار الحديث

Номер издания

الأولى

Год публикации

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

Место издания

القاهرة - مصر

Жанры

فَهُوَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ نَفَى حَقِيقَةَ ذَلِكَ وَمَدْلُولَهُ مِنَ الْمُعَطِّلَةِ نُفَاةِ الصِّفَاتِ، وَهُوَ حُجَّةٌ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ جَمِيعًا، وَمُوَافَقَتُهُمْ لَهُ عَلَى التَّعْطِيلِ لَا تَنْفَعُهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ حُجَّةٌ جَدَلِيَّةٌ لَا عِلْمِيَّةٌ، إِذْ تَسْلِيمُهُمْ لَهُ ذَلِكَ لَا يُوجِبُ عَلَى غَيْرِهِمْ أَنْ يُسَلِّمَ ذَلِكَ لَهُ، فَإِذَا تَبَيَّنَ بِالْعَقْلِ الصَّرِيحِ مَا يُوَافِقُ النَّقْلَ الصَّحِيحَ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى فَسَادِ قَوْلِهِ وَقَوْلِهِمْ جَمِيعًا.
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: هَبْ أَنَّ هَذِهِ كُلَّهَا مَوْجُودَةٌ عَلَى الِاسْتِعَارَةِ فَأَيْنَ التَّوْحِيدُ، وَالدَّلَالَةُ، وَالتَّصْرِيحُ عَلَى التَّوْحِيدِ الْمَحْضِ الَّذِي تَدْعُو إِلَيْهِ حَقِيقَةُ هَذَا الدِّينِ الْقَيِّمِ الْمُعْتَرَفِ بِجَلَالَتِهِ عَلَى لِسَانِ حُكَمَاءِ الْعَالَمِ قَاطِبَةً؟ كَلَامٌ صَحِيحٌ لَوْ كَانَ مَا قَالَهُ النُّفَاةُ حَقًّا، فَإِنَّهُ عَلَى قَوْلِهِمْ لَا يَكُونُ هَذَا الدِّينُ الْقَيِّمُ قَدْ بَيَّنَ التَّوْحِيدَ الْحَقَّ أَصْلًا، وَحِينَئِذٍ فَنَقُولُ: إِنَّ التَّوْحِيدَ الَّذِي دَعَا إِلَيْهِ هَؤُلَاءِ الْمَلَاحِدَةُ هُوَ مِنْ أَعْظَمِ الْإِلْحَادِ فِي أَسْمَاءِ الرَّبِّ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ، وَهُوَ حَقِيقَةُ الْكُفْرِ وَتَعْطِيلِ الْعَالَمِ عَنْ صَانِعِهِ، وَتَعْطِيلِ الصَّانِعِ الَّذِي أَثْبَتُوهُ عَنْ صِفَاتِ كَمَالِهِ، فَشِرْكُ عُبَّادِ الْأَصْنَامِ وَالْأَوْثَانِ وَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالْكَوَاكِبِ خَيْرٌ مِنْ تَوْحِيدِ هَؤُلَاءِ بِكَثِيرٍ، فَإِنَّهُ شِرْكٌ فِي الْإِلَهِيَّةِ مَعَ إِثْبَاتِ صَانِعِ الْعَالَمِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ وَقُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ وَعِلْمِهِ بِالْكُلِّيَّاتِ وَالْجُزْئِيَّاتِ، وَتَوْحِيدُ هَؤُلَاءِ تَعْطِيلٌ لِرُبُوبِيَّتِهِ وَإِلَهِيَّتِهِ وَسَائِرِ صِفَاتِهِ، وَهَذَا التَّوْحِيدُ مُلَازِمٌ لِأَعْظَمِ أَنْوَاعِ الشِّرْكِ، وَلِهَذَا كُلَّمَا كَانَ الرَّجُلُ أَعْظَمَ تَعْطِيلًا كَانَ أَعْظَمَ شِرْكًا.
[توحيد الجهمية والفلاسفة مناقض لتوحيد الرسل]
وَتَوْحِيدُ الْجَهْمِيَّةِ وَالْفَلَاسِفَةِ مُنَاقِضٌ لِتَوْحِيدِ الرُّسُلِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، فَإِنَّ مَضْمُونَهُ إِنْكَارُ حَيَاةِ الرَّبِّ وَعِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ وَسَمْعِهِ وَبَصَرِهِ وَكَلَامِهِ وَاسْتِوَائِهِ عَلَى عَرْشِهِ، وَرُؤْيَةِ الْمُؤْمِنِينَ لَهُ بِأَبْصَارِهِمْ عِيَانًا مِنْ فَوْقِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَإِنْكَارُ وَجْهِهِ الْأَعْلَى، وَيَدَيْهِ وَمَجِيئِهِ وَإِتْيَانِهِ وَمَحَبَّتِهِ وَرِضَاهُ وَغَضَبِهِ وَضَحِكِهِ، وَسَائِرِ مَا أَخْبَرَ بِهِ الرَّسُولُ عَنْهُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا التَّوْحِيدَ هُوَ نَفْسُ تَكْذِيبِ الرَّسُولِ بِمَا أَخْبَرَ بِهِ عَنِ اللَّهِ، فَاسْتَعَارَ لَهُ أَصْحَابُهُ اسْمَ التَّوْحِيدِ.
ثُمَّ يُقَالُ: لَوْ كَانَ الْحَقُّ فِيمَا يَقُولُهُ هَؤُلَاءِ النُّفَاةُ الْمُعَطِّلُونَ لَكَانَ قَبُولُ الْفِطَرِ لَهُ أَعْظَمَ مِنْ قَبُولِهَا لِلْإِثْبَاتِ الَّذِي هُوَ ضَلَالٌ وَبَاطِلٌ عِنْدَهُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَصَبَ عَلَى الْحَقِّ الْأَدِلَّةَ وَالْأَعْلَامَ الْفَارِقَةَ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ وَجَعَلَ فِطَرَ عِبَادِهِ مُسْتَعِدَّةً لِإِدْرَاكِ الْحَقَائِقِ، وَلَوْلَا مَا فِي الْقُلُوبِ مِنَ الِاسْتِعْدَادِ لِمَعْرِفَةِ الْحَقَائِقِ لَمْ يُمْكِنِ النَّظَرُ وَالِاسْتِدْلَالُ وَالْخِطَابُ وَالْكَلَامُ وَالْفَهْمُ وَالْإِفْهَامُ، كَمَا أَنَّهُ سُبْحَانَهُ جَعَلَ الْأَبْدَانَ مُسْتَعِدَّةً لِلِاغْتِذَاءِ بِالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمَا أَمْكَنَ تَغْذِيَتُهَا وَتَرْبِيَتُهَا، فَكَمَا أَنَّ فِي الْأَبْدَانِ قُوَّةً تُفَرِّقُ

1 / 186