واسعد الله المجلس السامي في مقدمه، وأسعد هذه الأعمال بموطىء قدمه، وأجرى الأرزاق بحكمي سيفه وقلمه وأعاد الإسلام وأهله بنعمه وجوده عن نقمة عدمه ويقسم الخادم أنه لو جاز أن تسافر نفس عن جثمانها، وترحل عن أجفانها لسرت مهجته إلى لقاء آمالها، واهتدت مقلته إلى مجلسه الكريم بما أفاض من الأنوار على مسالكها، والحمد لله ثم الحمد لله ثم الحمد لله قول الشاكر الذي قدر النعمة حق قدرها، وعلم بعد الطالة أنه عاجز عن شكرها، وانهض الله بركاتها حمله وسقى الله طريقا أوصله وان نحلت سحب عليها فا جفاني ن واهلا بليلة قدر لقاؤه في صبيحتها بقدر وصبيحة عيد الفطر هلالنا فيه نير وجهه الأكبر، ولو أن اليوم يصام فيه الفرض لنذر كلما كررته الجمعة صيامه، ولولا الشغل بالعدو الذي لا مشغل للقلب إلا به لا لقيناه من حيث كان في مقامه الجليل مقامه وما انطوت في الغسولة
ليلة الاثنين الثاني والعشرين من شهر رمضان
عاد الحديث إلى ما جرى بعد الكسرة قال: أما صاحب الموصل فإنه أسرع إليها أوبته وشكر سلامته واستأنف اللهو واللعب، وأكل وشرب ولعن الحرب واصطنع الطعن والضرب وأما الحلبيون فأنهم أوثقوا الأسباب وغلقوا الأبواب واسقطوا في أيديهم حين أفرطوا في تعديهم، وتصرفوا بالاستبصار وتهدفوا للحصار، وأما السلطان فإنه عبر بحلب ولم يعرج عليها ولم يعج إليها ونزل على حصن بزاعه.
وتسلمه وفي سلك ملكه نظمه وذلك يوم الاثنين الثاني والعشرين من شوال. وأما منبج فإنه كان فيها الأمير قطب الدين ينال والسلطان لاينال منه الإحسان، وكان في جر عساكر الموصل إليه أقوى أقوى سب ولا يحفظ معه شرط أدب، ويواجه بما يكره فلما قرب من بلده آثر أن يثيره منه ويأخذه من يده فسلط النقابين على حصنه فنزل مستأمنا، وسلم القلعة بما فيها والذخاير التي تحويها فقوم ما تسلم بلثماية ألف دينار وساومه على أن يخدم ويأخذ بلدة وذخيرته وعدده فأبت نخوته ونبت حميته، وأنفت غيرته وغارت أنفته، وسهل عله عسيرة وأمر أمره، ومال عليه في ماله دهره، وكأنما جمع ذالك المال ليفرقه هذا الجود، ومطل بديون المكارم ليقضيها هذه النقود. ومضى إلى صاحب الموصل فأقطعه الرقة وبقي فيها إلى أن أخذها السلطان منه مرة ثانية في سنة ثمان وسبعين.
وعادته عادة منبج وصاروا بحاله الذي جمعه متفرقين، ثم عاش بعد ذلك أحوالا وأثث أحوالا، وجمع مالا وانتهت به صروف الدهر وأحداثه واستحقه من بعده وراثه فأقرضوه السلطان على أن يقتنوا به أملاكا، وينالوا به من فارطهم استدراكا، فانقضى عصر السلطان ونعب بالتفرق غراب البين ولم أدر كيف جرى حديث ذلك البين. قال: ثم سلم منبج إلى من بجده عمرها وبجوده غمرها، وبسياسته ساسها وأنس ناسها.
ذكر النزول على عزاز في ثالث ذي العقدة
قال: ولما كان حصن عزاز أعز الحصون، والإسلام ضاحك عن ثغرة المصون وهو من الثغور الإسلامية التي يتعين سدادها، ويجب بأمداد الرجال أشفق السلطان لموافقة الحلبيين للفرنج من هذا الحصن فانه إن تسلمه الفرنج عادت معاقد الإسلام في معاقلها إلى الوهن، فنزل عليها وقطع بين الحلبيه وبين الفرنج وكان حصارها (١٨٣ أ) حصار حلب على الحقيقة، وخيم عليها وأخذ بمضايقها القوادم والأجنحة، وهي غير ملبيه لدعاتها، ولا مباليع بعداتها لا ته اذعانا، ولا تهاب سلطانا فخطب السلطان كيف تسلط خطبها، وقدم نصبه في تقديم منجنيقات ونصبها، ورجم الحصن رجم الزاني المخصن، وأستشهد عليه وفيه جماعة، وصعب الأمر وأستمر الحصر وعيل الصبر، وضجر المقاتل وحرض بالباسل الباسل. وأخرج السلطان مناطق الذهب ونقوده، وقلايد العقيان وعقوده يعني أن من أغنى أغناه، ومن أبلى فقامت هناك للموت أسواق واشتريت بأعلاق النفوس من النفايس أعلاق.
ذكر قفز الحشيشة على السلطان ليلة الأحد
حادي عشر ذي العقدة
1 / 41