وهاجموهم، وقد كاد يخلط الظلام وتسلم أهل البلد الخيام بما فيها من همم الملوك العالمية وتحملاتهم الغالية وفتكوا في الرجالة أعظم فت، وتسلم أصحابنا الخيالة فلم يسلم الا من نزع لبسه ورمى في البحر نفسه وتقحم أصحابنا البحر على بعض المراكب المذكورة فخسفوها وأتلفوها فولت بقية المراكب هاربة وجاءتها أحكام الله غالبه وبقي العدو بين قتل وغرق وأسر فريق واحتمى ثلثمائة فارسفي رأس تل فأخذت خيلهم ثم غلب أهل الثغر عليهم فقتلوا وأسروا وفيمن أسر رجل كبير كان عمرة خمسين شينيًا، وأما المأخوذ من اليزك والنعم والآلات والأسلحة فقد ذكر أنه لا يملك مثله ولا يوجد لفرنجة الشام أيسره، وأما الخيل فأنها أكاديش فحول ولم يعد معهم فرس واحد منها.
وأقلع هذا الأسطول من الثغر يوم الخميس ولا يعلم أين يقصد من البلاد والأعمال على أنه لا بقية فيه لحرب ولا قتال. وكان عدوًا ثقيلًا وكان خطبة جليلًا إلا أن ذكروا أن مكيدتهم في اللقاء ضعيفة وحضر من عقلاء خيالتهم المأسورين من أستجير أن يصدق فذكر أن النفقة كانت في الفارس لخمسة أشهر وهم ألف فارس منهم سبعمائة نقدية من ثلاثين دينار مشاهرة إلى خمسة وعشرين دينار إلى عشرين إلى خمسة عشر ومنهم من له خمسون ومنهم من له مائة من مشاهيرهم، وأن الإقطاعية ثلثمائة فارس وأن التركولية خمسمائة فارس لكل منهم دنانير ومؤنته على ملكهم على أن فرسا لا يموت، ومنهم من له عشرة دنانير وللقائد والرئيس عشرون دينارًا وأن العدة تناهز أربعة ألف رجل خارجة عن جرخية وسرجندية عدتهم خمسة آلاف رجل وأن المقدمين ثلاثة أحدهم ابن عم ملك صقلية والحمد لله على هذه النعمة التي أحدثت للقلوب استبشارًا وخفضت للشرك علمًا ورفعت للتوحيد منارًا، وأظهرت للملة الحنفية على أعدائها استعلاء واستظهار، وأعلنا الأمير ليكون في شكر الله عليه مشاركًا ويأخذ من حمده تعالى بحظ يتعين على مثله أن لا يوجد له تاركا أن شاء الله تعالى.
قال: وفي أول هذه السنة سنة سبعين قام من كان المعروف بالكنز في الصعيد وجمع من كان في البلاد من السودان والعبيد، وكان عنده من الأمراء أخ لحسام الدين أبي الهيجاء السمين ففتك به وبمن هناك من المقطعين ففارت حمية أخيه وثارت للثأر وساعده أخوه السلطان الملك العادل سيف الدين وعز الدين موسك ابن خاله وجاءوا إلى المدينة (١٧٨ب) طود فأتى السيف على أهلها، وباتت بعد عزلها بذلها ثم قصد الكنز فسفك دمه وظهر بعد ظهور وجوده عدمه ولم يبق للدولة نعد كنزها كنز وسال دمه فلم ينتطح فيها عنز.
[دولة صلاح الدين اليوبي]
ذكر توجه صلاح الدين إلى دمشق وتملكه
قال: ولما خلا باله مهد لاستضافة المماليك، وأضح بعزايمة إقامة سنن المساليك وخرج إلى البركة مستهل صفر ورحل إلى بلبيس ثالث شهر ربيع الأول وكان رسل صاحب بصرى شمس الدين جاولى وشمس الدين ابن المقدم عنده تستورى في البعث والبحث زنده وتستقدمه وجنده فسار ووصل إلية بالسرى إلى أن أناخ على بصرى فاستقبله صاحبها بكل ما أسعد به ذخره، وشد أذرة، وسدد أمره، واستضاف إلى بصرى صرخد، وتفرد بالسبق إلى الخدمة وتوحد وسار في الخدمة معه إلى الكسوة وركب صلاح الدين يوم الاثنين انسلاخ شهر ربيع الأول وسار واعتمد في تعبيه عساكره الاستظهار وحسب إن في البلد من يقوى للامتناع ويقوى بالدفاع فأقبل وهو يسوق حتى دخل وخرقها كأن الله خلقها إلى دار العقيقي مسكن أبية وبقي جمال الدين ريحان الخادم في القلعة على تأبيه فراسله حتى استمالة وأغزر له نواله حتى تملك المدينة والقلعة، وملك ابن المقدم دارة وكل ما حواليها وبذل له طلبته التي أشار إليها وأظهر أنه جاء لتربية الملك الصالح وتدبير ملكه وأنه أحق بصيانة حقه وأجتمع به أعيانها وأصبح هو سلطانها فزاره القاضي كمال الدين الشهرزوري فوفاه حقه من الاحترام وأجراه على مالاق بسعادته والسلام.
فصل
1 / 32