147

Мухтасар Насих

المختصر النصيح في تهذيب الكتاب الجامع الصحيح

Исследователь

أَحْمَدُ بْنُ فَارِسٍ السَّلوم

Издатель

دار التوحيد

Номер издания

الأولى

Год публикации

١٤٣٠هـ - ٢٠٠٩ م

Место издания

دار أهل السنة - الرياض

عجبت فمعناه والله أعلم: بل عجبتُ من حلمك عن قومك حين رأوا العذاب فأتوك متوسلين بالرحم فدعوت لهم بكشف ما كنت دعوت به عليهم كحلم يوسف ﵇ عن إخوته، إذ أتوه محتاجين، وكحلمه عن امرأة العزيز حين راودته عن نفسه ثم أغرت به سيدها فكذبت عليه فقَالَتْ: ﴿مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾، ثم عفا يوسف ﷺ عنها بعد سجنه الطويل بمكرها، وتزوجها على ما جاء الخبر عنها. فأراد البخاري ﵀ أن يريك أن العفو عن الظالم إذا أتى تائبا أو متوسلا سنة النبيئين، وسنة رب العالمين في عباده التائبين والمتوسلين، فأراد تناسب ما بين الآيتين بالمعنى على بعد الظاهرين منهما، ومثل هذا فِي كِتَابِه كثير، مما قد عابه به من لم يفتح الله عليه بفهمه (١).

(١) قَدْ نَقَلَ الْحَافِظُ هَذَا الْفَصْلَ مُختصَرًا عَازِيًا إِيَّاهُ إِلى أبِي الْإِصْبَع عِيسَى بْن سَهْل فِي شَرْحه فِيمَا نَقَله الحافظ مِنْ رِحْلَة أبِي عَبْد اللَّه بْن رُشَيْد، وأَبُو الإصْبَعِ تَجَلَّدَ فِي نَقْلِهِ حِينَ لَمْ يِنْسِبْهُ لِلْمُهَلَّبِ مَعَ أَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْهُ وَحَافَظَ عَلَى كَلِمَاتِه. قَالَ الْحَافِظُ: وَقَدْ تَكَلَّفَ لَهَا أَبُوالْإِصْبَع عِيسَى بْن سَهْل فِي شَرْحه فِيمَا نَقَلْته مِنْ رِحْلَة أبِي عَبْد اللَّه بْن رَشِيد عَنْهُ مَا مُلَخَّصُهُ: تَرْجَمَ الْبُخَارِيّ: بَاب قَوْله (وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتهَا عَنْ نَفْسه)، وَأَدْخَلَ حَدِيث اِبْن مَسْعُود: أَنَّ قُرَيْشًا لَمَّا أَبْطَئُوا، الْحَدِيث، وَأَوْرَدَ قَبْلَ ذَلِكَ فِي التَّرْجَمَة عَنْ اِبْن مَسْعُود (بَلْ عَجِبْتُ وَيَسْخَرُونَ)، قَالَ: فَانْتَهَى إِلَى مَوْضِع الْفَائِدَة وَلَمْ يَذْكُرهَا، وَهُوَ قَوْله: (وَإِذَا ذُكِّرُوا لَا يَذْكُرُونَ، وَإِذَا رَأَوْا آيَة يَسْتَسْخِرُونَ). قَالَ: وَيُؤْخَذ مِنْ ذَلِكَ مُنَاسَبَة التَّبْوِيب الْمَذْكُورَة، وَوَجْهه: أَنَّهُ شَبَّهَ مَا عَرَضَ لِيُوسُف ﵇ مَعَ إِخْوَته وَمَعَ اِمْرَأَة الْعَزِيز بِمَا عَرَضَ لِمُحَمَّدٍ ﷺ مَعَ قَوْمه، حِينَ أَخْرَجُوهُ مِنْ وَطَنه كَمَا أَخْرَجَ يُوسُف إِخْوَته، وَبَاعُوهُ لِمَنْ اِسْتَعْبَدَهُ، فَلَمْ يُعَنِّفْ النَّبِيّ ﷺ قَوْمه لَمَّا فَتَحَ مَكَّة، كَمَا لَمْ يُعَنِّف يُوسُف إِخْوَته حِينَ قَالَوا لَهُ: (تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَك اللَّه عَلَيْنَا)، وَدَعَا النَّبِيّ ﷺ بِالْمَطَرِ لَمَّا سَأَلَهُ أَبُوسُفْيَانَ أَنْ يَسْتَسْقِيَ لَهُمْ، كَمَا دَعَا يُوسُف لِإِخْوَتِهِ لَمَّا جَاءُوهُ نَادِمِينَ، فَقَالَ: (لَا تَثْرِيب عَلَيْكُمْ الْيَوْمَ يَغْفِر اللَّه لَكُمْ). قَالَ: فَمَعْنَى الآيَة بَلْ عَجِبْت مِنْ حِلْمِي عَنْهُمْ مَعَ سُخْرِيَتِهِمْ بِك وَتَمَادِيهِمْ عَلَى غَيّهمْ، وَعَلَى قِرَاءَة اِبْن مَسْعُود بِالضَّمِّ بَلْ عَجِبْتُ مِنْ حِلْمك عَنْ قَوْمك إِذْ أَتَوْك مُتَوَسِّلِينَ بِك فَدَعَوْت فَكُشِفَ عَنْهُمْ، وَذَلِكَ كَحِلْمِ يُوسُف عَنْ إِخْوَته إِذْ أَتَوْهُ مُحْتَاجِينَ، وَكَحِلْمِهِ عَنْ اِمْرَأَة الْعَزِيز حَيْثُ أَغْرَتْ بِهِ سَيِّدَهَا وَكَذَبَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ سَجَنَتْهُ ثُمَّ عَفَا عَنْهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَلَمْ يُؤَاخِذهَا. قَالَ: فَظَهَرَ تَنَاسُب هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ فِي الْمَعْنَى مَعَ بُعْد الظَّاهِر بَيْنَهُمَا. قَالَ: وَمِثْل هَذَا كَثِير فِي كِتَابِهمِمَّا عَابَهُ بِهِ مَنْ لَمْ يَفْتَح اللَّه عَلَيْهِوَاَللَّه الْمُسْتَعَان. وَمِنْ تَمَام ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: تَظْهَر الْمُنَاسَبَة أَيْضًا بَيْنَ الْقِصَّتَيْنِ مِنْ قَوْله فِي الصَّافَّات: وَإِذَا رَأَوْا آيَة يَسْتَسْخِرُونَ، فَإِنَّ فِيهَا إِشَارَة إِلَى تَمَادِيهِمْ عَلَى كُفْرهمْ وَغَيّهمْ، وَمِنْ قَوْله فِي قِصَّة يُوسُف (ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوْا الْآيَات لِيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ) أهـ.

1 / 152