258

Краткий путь стремящихся

مختصر منهاج القاصدين

Редактор

شعيب الأرنؤوط وعبد القادر الأرنؤوط

Издатель

مكتبة دار البيان

Год публикации

1398 AH

Место издания

دمشق

Жанры

Суфизм
ومن الأسباب التي تعظم الصغائر أن يستصغر الذنب، فإن الذنب كلما استعظمه العبد، صغر عند الله تعالى، وكلما استصغره العبد، كبر عند الله تعالى، فإن استعظامه يصدر عن نفور القلب منه وكراهيته له.
قال ابن مسعود رضى الله عنه: إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه في أصل جبل يخاف أن يقع عليه، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب وقع على أنفه، فقال به هكذا. أخرجاه في "الصحيحين".
وإنما يعظم الذنب في قلب المؤمن لعلمه بجلال الله تعالى، فإذا نظر إلى عظمة من عصى، رأى الصغيرة كبيرة.
وفى البخاري من حديث أنس رضى الله عنه: "إنكم لتعملون أعمالًا هي أدق في أعينكم من الشعر إن كنا لنعدها على عهد رسول الله ﵌ من الموبقات".
وقال بلال بن سعد ﵀: لا تنظر إلى صغر الخطيئة، ولكن انظر إلى عظمة من عصيت.
ومن الأسباب أن يفرح بالصغيرة ويتمدح بها، كما يقول: أما رأيتني كيف مزَّقت عرض فلان، وذكرت مساويه حتى خجلته، أو يقول التاجر: أما رأيت كيف روجت عليه الزائف، وكيف خدعته وغبنته، فهذا وأمثاله تكبر به الصغائر.
ومنها أن يتهاون بستر الله تعالى وحلمه عنه وإمهاله إياه ولا يدرى أن ذلك قد يكون مقتًا ليزداد بالإهمال إثمًا.
ومنها أن يأتى الذنب ثم يذكره بمحضر من غيره، وفى "الصحيحين" من حديث أبى هريرة رضى الله عنه، أن النبي ﵌ قال: "كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل العمل بالليل، ثم يصبح وقد ستره الله عليه، فيقول: يا فلان: عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره الله عليه، ويصبح يكشف ستر الله عنه".
ومنها أن يكون المذنب عالمًا يُقتدي به، فإذا علم منه الذنب، كبر ذنبه، كلبسه الحرير، ودخوله على الظلمة مع ترك الإنكار عليهم، وإطلاق اللسان في الأعراض، واشتغاله من العلوم بما لا يقصد منه إلا الجاه، كعلم الجدل، فهذه ذنوب يتبع العالم

1 / 258