مختصر معارج القبول
مختصر معارج القبول
Издатель
مكتبة الكوثر
Номер издания
الخامسة
Год публикации
١٤١٨ هـ
Место издания
الرياض
Жанры
النار، وَلَكِنَّ الْمُقْتَضِي لَا يَعْمَلُ عَمَلَهُ إِلَّا بِاسْتِجْمَاعِ شُرُوطِهِ وَانْتِفَاءِ مَوَانِعِهِ، فَقَدْ يَتَخَلَّفُ عَنْهُ مُقْتَضَاهُ لِفَوَاتِ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِهِ أَوْ لِوُجُودِ مَانِعٍ، وهذا قول الحسن ووهب بن منبه.
وقد ذكرنا فيما مضى بالأدلة أن لا إله إلا الله لها شروط لا تصح إلا بها وإنما ينتفع قائلها باستكمالها، وقد يذكر الرسول ﷺ مرة هذا الشرط ومرة أخرى يذكر ذلك الشرط، ومرة يذكر الوعد بالجنة دون الإشارة إلى تلك الشروط فتكون هذه نصوصًا مطلقة لها ما يقيدها في الأحاديث الأخرى، ولذلك لما تخلفت هذه الشروط عن قول المنافقين: لا إله إلا الله لم تنفعهم هذه الكلمة (١)، وكذلك الأعمال التي وعد عليها الرسول ﷺ بالجنة مقيدة بأشياء منها ترك الشرك وأعمال الكفر، فقد قال تَعَالَى: ﴿وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك﴾ (٢)، ولذلك لم ينتفع المنافقون بصلاة البردين، فظهر أن المراد أن هذه الأعمال الممدوحة من الأعمال المؤدية لدخول الجنة مع وجود الشروط وانتفاء الموانع، وقد قال وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ لِمَنْ سَأَلَهُ: أَلَيْسَ مِفْتَاحُ الْجَنَّةِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟ قَالَ: بَلَى، وَلَكِنْ مَا مِنْ مِفْتَاحٍ إِلَّا لَهُ أَسْنَانٌ، فَإِنْ أَتَيْتَ بِمِفْتَاحٍ لَهُ أَسْنَانٌ فُتِحَ لَكَ وإلا لم يفتح لك (٣) . وقال الحسن للفرزدق وهو يدفن امرأته: ماذا أَعْدَدْتَ لِهَذَا الْيَوْمِ؟ قَالَ: شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُنْذُ سَبْعِينَ سَنَةً. قَالَ الْحَسَنُ: نِعْمَ الْعُدَّةُ لَكِنْ لِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ شُرُوطًا فَإِيَّاكَ وَقَذْفَ الْمُحْصَنَاتِ. وَقِيلَ لِلْحَسَنِ: إِنَّ نَاسًا يَقُولُونَ: مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ. فَقَالَ: مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَأَدَّى حَقَّهَا وَفَرْضَهَا دخل الجنة.
وقد اشترط رسول الله ﷺ في أحاديث كثيرة أعمالًا أخرى غير الشهادتين
(١) قال تَعَالَى: ﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النار﴾ [النساء: ١٤٥] . (٢) الزمر: ٦٥. (٣) ذكره البخاري في صحيحه. في أول الجنائز، وانظر فتح الباري ج٣ ص: ١٣١.
1 / 100