359

مختصر معارج القبول

مختصر معارج القبول

Издатель

مكتبة الكوثر

Издание

الخامسة

Год публикации

١٤١٨ هـ

Место издания

الرياض

Жанры

عَنْ عَشَرَةِ آلَافِ قَتِيلٍ فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. وَإِنَّمَا أَنْشَبَ أَهْلُ الْفِتْنَةِ الْحَرْبَ بين الفريقين لعلهم أَنَّهُمَا إِنْ تَصَالَحَا دَارَتِ الدَّائِرَةُ عَلَيْهِمْ وأُخِذوا بدم عثمان وأقيم عليهم كتاب الله، فَقَالُوا نَشْغَلُهُمْ بِأَنْفُسِهِمْ، وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مقدورًا. وكان السبئية يخافون عليًا ﵁ أكثر مِنْ خُصَمَائِهِ، وَذَلِكَ الَّذِي حَمَلَهُمْ عَلَى مَا فعلوه.
-وأما في قتاله أهل الشام (١) فكانوا مع معاويه ﵁، وكان معاوية متأولًا يطلب بدم عثمان ﵁ وَيَرَى أَنَّهُ وَلِيَّهُ وَإِنَّ قَتَلَتَه فِي جَيْشِ علي ﵁، فكان معذورًا بخطئه بِذَلِكَ. وَأَمَّا عَلِيٌّ ﵁ فَكَانَ مُجْتَهِدًا مُصِيبًا وَفَالِجًا مُحِقًّا يُرِيدُ جَمْعَ كَلِمَةِ الأمة حتى إذا كانوا جماعة وخمدت الفتنة أَخَذَ بِالْحَقِّ مِنْ قَتَلَةِ عُثْمَانَ، وَكَانَ ﵁ أعلم بكتاب الله ﷿ من المطالبين بدم عثمان ﵁، فكان أهل الشام بغاة اجتهدوا فأخطؤوا وَعَلِيٌّ ﵁ يُقَاتِلُهُمْ لِيَرْجِعُوا إِلَى الْحَقِّ وَيَفِيئُوا إِلَى أَمْرِ اللَّهِ، وَلِهَذَا كَانَ أَهْلُ بَدْرٍ الْمَوْجُودُونَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ كُلُّهُمْ فِي جَيْشِهِ وَعَمَّارٌ قُتِلَ مَعَهُ ﵁، كما فيب الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ فِي بِنَاءِ المسجد، قال: (كُنَّا نَحْمِلُ لَبِنَةً لَبِنَةً وَعَمَّارٌ لِبِنَتَيْنِ، فَرَآهُ النَّبِيُّ ﷺ فَيَنْفُضُ التُّرَابَ عنه ويقول (ويح عمار تقتله الفئة الباغية، ويدعوهم إِلَى الْجَنَّةِ وَيَدْعُونَهُ إِلَى النَّارِ) قَالَ: يَقُولُ عَمَّارٌ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْفِتَنِ) (٢)،
فَقَتَلَهُ أَهْلُ الشَّامِ مِصْدَاقَ مَا أَخْبَرَهُمْ بِهِ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ -

(١) يعني وقعة صفين. انظر البداية والنهاية لابن كثير ﵀ (٧/٢٦٤) .
(٢) الحديث بهذا السياق رواه البخاري في الصلاة باب التعاون في بناء المساجد وفي الجهاد والسير باب مسح الغبار عن الرأس في سبيل الله. أما مسلم فأخرجه بدون ذكر قصة حمل عمار للبنتين وبألفاظ قريبة عن أم سلمة، وعن أبي سعيد قال: أخبرني من هو خير مني أن رسول الله ﷺ قال لعمار حين رآه يحفر الخندق وجعل يمسح رأسه ويقول: (بؤس ابن سمية تقتلك فئة باغية) (شرح النووي ٦/٤٢، ٤٣ كتاب الفتن) ..

1 / 391