281

مختصر معارج القبول

مختصر معارج القبول

Издатель

مكتبة الكوثر

Номер издания

الخامسة

Год публикации

١٤١٨ هـ

Место издания

الرياض

Жанры

خَوْفًا شَدِيدًا وَيَسْتَعِيذُونَ بِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ كَمَا قَالَ تَعَالَى عَنْهُمْ: ﴿وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا﴾ (١) أي: زَادَ الْإِنْسُ الْجِنَّ جَرَأَةً عَلَيْهِمْ وَشَرًّا وَطُغْيَانًا وزادهم الْجِنُّ إِخَافَةً وَخَبَلًا وَكُفْرَانًا. وَكَانَ أَحَدُهُمْ إِذَا نَزَلَ وَادِيًا قَالَ: أَعُوذُ بِسَيِّدِ هَذَا الْوَادِيَ مِنْ سُفَهَائِهِ فَيَأْتِي الشَّيْطَانُ فَيَأْخُذُ مِنْ مَالِ هَذَا الْمُسْتَعِيذِ أَوْ يُرَوِّعُهُ فِي نَفْسِهِ. فَيَقُولُ: يَا صَاحِبَ الْوَادِي، جَارُكَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ. فَيَسْمَعُ مُنَادِيًا يُنَادِي ذَلِكَ الْمُعْتَدِيَ أَنِ اتْرُكْهُ أَوْ دَعْهُ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَأَبْطَلَ الله تعالى وسوله ﷺ ذَلِكَ وَنَفَى أَنْ يَضُرُّوا أَحَدًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ﷿، وَأَبْدَلَنَا عَنِ الِاسْتِعَاذَةِ بِالْمَخْلُوقِينَ الِاسْتِعَاذَةَ بِجَبَّارِ السَّمَاوَاتِ والأرض وَكَلِمَاتِهِ التَّامَّاتِ الَّتِي لَا يُجَاوِزُهُنَّ جَبَّارٌ وَلَا مُتَكَبِّرٌ، فقال تَعَالَى: ﴿وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ * وأعوذ بك رب أن يحضرون﴾ (٢)، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فاستعذ بالله﴾ (٣)، وقال تعالى: ﴿قل أعوذ برب الفلق﴾ (٤) إلى آخر السورة، و﴿قل أعوذ برب الناس﴾ (٥) إلى آخر السورة (٦)،
وفي الصحيح أنه ﷺ قال: (مَنْ نَزَلَ مَنْزِلًا فَقَالَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، لَمْ يَضُرَّهُ شيء حتى يرحل من منزله ذلك) .
وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ إِنِ الْمُرَادَ فِي الْحَدِيثِ نَفِيُ وُجُودِ الْغِيلَانِ مُطْلَقًا فَلَيْسَ بِشَيْءٍ، لِأَنَّ ذَلِكَ مُكَابَرَةً لِلْأُمُورِ الْمُشَاهَدَةِ الْمَعْلُومَةِ بِالضَّرُورَةِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ ﷺ وَقَبْلَهُ وَبَعْدَهُ مِنْ إِتْيَانِهِمْ وَانْصِرَافِهِمْ وَمُخَاطَبَتِهِمْ وَتَشَكُّلِهِمْ. والله أعلم.

(١) الجن: ٦.
(٢) المؤمنون: ٩٧، ٩٨.
(٣) الأعراف: ٢٠٠، فصلت: ٣٦.
(٤) الفلق: ١.
(٥) الناس: ١.
(٦) وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ في هاتين السورتين: (ما تعوذ الناس بأفضل منهما) . انظر صحيح الجامع الصغير ٤٢٧٢..

1 / 304