267

مختصر معارج القبول

مختصر معارج القبول

Издатель

مكتبة الكوثر

Номер издания

الخامسة

Год публикации

١٤١٨ هـ

Место издания

الرياض

Жанры

لَمْ يَكُنْ أَسْوَدَ، فَسَلَبُوا الْعَبْدَ قُدْرَتَهُ وَاخْتِيَارَهُ وأخرجوه عَنْ أَفْعَالِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَحْكَامِهِ حِكَمَهَا وَمَصَالِحَهَا وَنَفَوْا عَنِ اللَّهِ تَعَالَى حِكْمَتَهُ الْبَالِغَةَ وَجَحَدُوا حُجَّتَهُ الدَّامِغَةَ وَأَثْبَتُوا عَلَيْهِ تَعَالَى الْحُجَّةَ لِعِبَادِهِ، وَنَسَبُوهُ تَعَالَى إِلَى الظُّلْمِ وَطَعَنُوا فِي عَدْلِهِ وشرعه، وتخبطوا في آيات الله ﷿ وتأولوها تأويلات فاسدة بل سخيفة ومضحكة.
-اجتمع جماعة من هؤلاء يومًا فتذكروا الْقَدَرَ، فَجَرَى ذِكْرُ الْهُدْهُدِ وَقَوْلُهُ ﴿وَزَيَّنَ لَهُمُ الشيطان أعمالهم﴾ (١)، فقال بعضهم: كَانَ الْهُدْهُدُ قَدَرِيًّا، أَضَافَ الْعَمَلَ إِلَيْهِمْ وَالتَّزْيِينَ إِلَى الشَّيْطَانِ، وَجَمِيعُ ذَلِكَ فِعْلُ اللَّهِ!! .
-وَسُئِلَ بعض هؤلاء عن قوله تعالى: ﴿وماذا عليهم لو آمنوا﴾ (٢) إذا كان هو الذي معهم؟ قَالَ: اسْتِهْزَاءٌ بِهِمْ. قَالَ: فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ﴾ (٣)؟ قال: فعل ذلك مِنْ غَيْرِ ذَنْبٍ جَنَوْهُ، بَلِ ابْتَدَأَهُمْ بِالْكُفْرِ ثم عذبهم عليه، وليس مَعْنًى!! .
-وَقَالَ بَعْضُ هَؤُلَاءِ وَقَدْ عُوتِبَ عَلَى ارتكابه معاصي الله: إِنْ كُنْتُ عَاصِيًا لِأَمْرِهِ فَأَنَا مُطِيعٌ لِإِرَادَتِهِ.
-وعن شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀ أنه قال: عتبت بَعْضَ شُيُوخِ هَؤُلَاءِ، فَقَالَ لِي: الْمَحَبَّةُ نَارٌ تَحْرِقُ مِنَ الْقَلْبِ مَا سِوَى مُرَادِ الْمَحْبُوبِ، وَالْكَوْنُ كُلُّهُ مُرَادُهُ، فَأَيُّ شَيْءٍ أَبْغَضُ مِنْهُ؟ قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: إِذَا كَانَ الْمَحْبُوبُ قَدْ أَبْغَضَ بَعْضَ مَنْ فِي الْكَوْنِ وَعَادَاهُمْ وَلَعَنَهُمْ فأحببتهم لأنت وَوَالَيْتَهُمْ، أَكُنْتَ وَلِيًّا لِلْمَحْبُوبِ، أَوْ عَدُوًّا لَهُ؟ قال: فكأنما ألقم حجرًا.

(١) النمل: ٢٤.
(٢) النساء: ٣٩.
(٣) النساء: ١٤٧.

1 / 290