249

مختصر معارج القبول

مختصر معارج القبول

Издатель

مكتبة الكوثر

Номер издания

الخامسة

Год публикации

١٤١٨ هـ

Место издания

الرياض

Жанры

وَهَذِهِ الشَّفَاعَةُ الثَّالِثَةُ قَدْ فُسِّرَ بِهَا الْمَقَامُ المحمود كما سبق في حديث البخاري ﵀ فيكون عَامًّا لِجَمِيعِ الشَّفَاعَاتِ الَّتِي أُوتِيهَا نَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ ﷺ، لَكِنَّ جُمْهُورَ الْمُفَسِّرِينَ فسروه بالشفاعتين الأولين لِاخْتِصَاصِهِ ﷺ بِهِمَا دُونَ غَيْرِهِ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ الْمُكْرَمِينَ، وَأَمَّا هَذِهِ الشَّفَاعَةُ الثَّالِثَةُ فَهِيَ وَإِنْ كَانَتْ مِنَ الْمَقَامِ الَّذِي وُعِدَهُ فَلَيْسَتْ خَاصَّةً بِهِ ﷺ بل يؤتها كَثِيرٌ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ وَلَكِنْ هُوَ ﷺ الْمُقَدَّمُ فِيهَا، وَلَمْ يَشْفَعْ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى فِي مِثْلِ مَا يَشْفَعُ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَلَا يُدَانِيهِ فِي ذَلِكَ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَلَا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ، ثُمَّ بَعْدَهُ يَشْفَعُ مَنْ أَذِنَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ وَالْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وسائر أولياء الله من المؤمنين المتقين، ثم يخرج الله تعالى أقوامًا مِنَ النَّارِ بِرَحْمَتِهِ أَقْوَامًا بِدُونِ شَفَاعَةِ الشَّافِعِينَ، ففي حديث سعيد المتفق عليه (فَيَشْفَعُ النَّبِيُّونَ وَالْمَلَائِكَةُ وَالْمُؤْمِنُونَ، فَيَقُولُ الْجَبَّارُ: بَقِيَتْ شَفَاعَتِي، فَيَقْبِضُ قَبْضَةً مِنَ النَّارِ فَيُخْرِجُ أَقْوَامًا قَدِ امْتُحِشُوا فَيُلْقَوْنَ فِي نَهْرٍ بِأَفْوَاهِ الْجَنَّةِ يقال له ماء الحياة فينبتون في حافيته كَمَا تَنْبُتُ الْحَبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ قَدْ رَأَيْتُمُوهَا إِلَى جَانِبِ الصَّخْرَةِ إِلَى جَانِبِ الشَّجَرَةِ، فَمَا كَانَ إِلَى الشَّمْسِ مِنْهَا كَانَ أَخْضَرَ، وَمَا كَانَ إِلَى الظِّلِّ كَانَ أَبْيَضَ، فَيَخْرُجُونَ كأنهم اللؤلوء، فَيُجْعَلُ فِي رِقَابِهِمُ الْخَوَاتِيمُ، فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ فَيَقُولُ أَهْلُ الْجَنَّةِ: هَؤُلَاءِ عُتَقَاءُ الرَّحْمَنِ أَدْخَلَهُمُ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ عَمَلٍ عَمِلُوهُ وَلَا خَيْرٍ قَدَّمُوهُ (١)،
فَيُقَالُ لهم لكم ما رأيتم ومثله معه) (٢) .

(١) المراد بالخير المنفي ما زاد على أصل الإقرار بالشهادتين كما تدل عليه بقية الأحاديث، فلا يفهم منه تجويز إخراج غير المؤمنين من النار. انظر فتح الباري ج١٣ ص٤٣٨.
(٢) بهذا يكون الشيخ ﵀ قد ذكر ثلاث شفاعات وهناك ثلاثة أنواع أخرى ذكرها في كتابه (٢٠٠سؤال وجواب في العقيدة) وهي:
١-الشفاعة في أقوام قد أمر بهم إلى النار أن لا يدخلوها.
٢-الشفاعة في رفع درجات أقوام من أهل الجنة.
وهاتان الشفاعتان لا تختصان به ﷺ.
٣-الشفاعة في تخفيف عذاب بعض الكفار وهذه خاصة لنبينا ﷺ في عمه أبي طالب. انظر (٢٠٠سؤال وجواب ص٧٤) وذكرها أيضًا ابن حجر ﵀ في فتح الباري ج١ص٢٣٤ وانظر فيه أيضًا حديث ٦٥٦٤.

1 / 272