Краткая книга аль-И'тисам
مختصر كتاب الاعتصام
Издатель
دار الهجرة للنشر والتوزيع
Номер издания
الأولى
Год публикации
١٤١٨ هـ - ١٩٩٧ م
Жанры
الشِّمَالِ - إِلَى قَوْلِهِ - فَيُقَالُ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ على أعقابهم» الحديث (١)، فَفِيهِ أنَّه لَمْ يَذْكُرْ لَهُمْ شَفَاعَةَ رَسُولِ الله ﷺ، وَيَظْهَرُ مِنْ أوَّل الْحَدِيثِ أنَّ ذَلِكَ الِارْتِدَادَ لَمْ يَكُنِ ارْتِدَادَ كفرٍ لِقَوْلِهِ: «وإنَّه سَيُؤْتَى بِرِجَالٍ مِنْ أُمَّتِي» وَلَوْ كَانُوا مُرْتَدِّينَ عَنِ الْإِسْلَامِ لَمَا نُسبوا إِلَى أُمته، ولأنَّه ﵇ أَتَى بِالْآيَةِ وَفِيهَا: ﴿وَإنْ تَغْفِرْ لهُمْ فَإنَّكَ أنْتَ العَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ (٢)، وَلَوْ عَلِمَ النَّبِيُّ ﷺ أنَّهم خَارِجُونَ عَنِ الْإِسْلَامِ جُمْلَةً لَمَا ذَكَرَهَا، لأنَّ مَنْ مَاتَ عَلَى الْكُفْرِ لَا غُفْرَانَ لَهُ أَلْبَتَّةَ، وإنَّما يُرْجَى الْغُفْرَانُ لِمَنْ لَمْ يُخْرِجْهُ عملُه عَنِ الْإِسْلَامِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿إنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ (٣) .
- وأمَّا أنَّ عَلَى مُبْتَدِعِهَا إِثْمُ مَنْ عَمِلَ بِهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ؛ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ القِيامَةِ ومِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ (٤) وَلِمَا فِي الصَّحِيحِ مِنْ قَوْلِهِ ﵊: «مَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بها﴾ الحديث (٥) .
- وأمَّا أنَّ صَاحِبَهَا لَيْسَ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ فَلِمَا جَاءَ مِنْ قَوْلِهِ ﵊: «إنَّ اللَّهَ حَجَرَ التَّوْبَةَ عَلَى كلِّ صَاحِبِ بدعة» (٦)
وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا حَدِيثُ الفِرَق إِذْ قَالَ فِيهِ: «وإنَّه سَيَخْرُجُ فِي أُمتي أَقْوَامٌ تجارى بهم تلك الأهواءُ، كما يتجارى الكَلَبُ (٧) بِصَاحِبِهِ، لَا يَبْقَى مِنْهُ عِرْقٌ وَلَا مَفْصِلٌ إِلَّا دَخَلَهُ» (٨) وَهَذَا النَّفْيُ يَقْتَضِي الْعُمُومَ بِإِطْلَاقٍ، وَلَكِنَّهُ قَدْ يُحْمَلُ عَلَى الْعُمُومِ الْعَادِيِّ، إِذْ لَا يَبْعُدُ أَنْ يَتُوبَ عَمَّا رَأَى وَيَرْجِعَ إِلَى الْحَقِّ، كَمَا نُقِل عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ الْعَنْبَرِيِّ، وَمَا نَقَلُوهُ فِي مُنَاظَرَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْحَرُورِيَّةَ الْخَارِجِينَ عَلَى عَلِيٍّ ﵁، وَفِي مُنَاظَرَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ لِبَعْضِهِمْ. وَلَكِنَّ الْغَالِبَ فِي الْوَاقِعِ الْإِصْرَارُ.
ومن هنا قُلْنَا: يَبْعُدُ أَنْ يَتُوبَ بَعْضُهُمْ لأنَّ الْحَدِيثَ يَقْتَضِي الْعُمُومَ بِظَاهِرِهِ، وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ بِأَبْسَطَ مِنْ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
وَسَبَبُ بُعْدِهِ عَنِ التَّوْبَةِ: أنَّ الدُّخُولَ تَحْتَ تَكَالِيفِ الشَّرِيعَةِ صعبٌ عَلَى النَّفْسِ لأنَّه أمرٌ مُخَالِفٌ لِلْهَوَى، وصادٌ عَنْ سَبِيلِ الشَّهَوَاتِ، فَيَثْقُلُ عَلَيْهَا جِدًّا لأنَّ الْحَقَّ ثَقِيلٌ، وَالنَّفْسَ إنَّما تَنْشَطُ بِمَا يُوَافِقُ هَوَاهَا لَا بِمَا يُخَالِفُهُ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ
_________
(١) رواه البخاري (٦٥٢٦، ٣٣٤٩، ٣٤٤٧) ومسلم (٢٨٦٠) مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄.
(٢) المائدة: ١١٨.
(٣) النساء: ١١٦.
(٤) النحل: ٢٥.
(٥) رواه مسلم (١٠١٧) مِنْ حَدِيثِ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ﵁، وسيأتي بطوله ص٥٦.
(٦) [صحيح] رواه أبو الشيخ في «تاريخ أصبهان» والطبراني في «الأوسط» والبيهقي في «شعب الإيمان» وغيرهم. انظر «السلسلة الصحيحة» (١٦٢٠) وقد ورد بلفظ «حجب» و«احتجز» و«احتجب» .
(٧) الكَلَبُ: داءٌ معروف يعرض للكلْب، فمن عضَّه قتله.
(٨) [حسن] رواه أبو داود (٤٥٩٧) وأحمد (٤/١٠٢) وغيرهما وهي زيادة في حديث الفِرَق.
1 / 35