Краткая книга аль-И'тисам
مختصر كتاب الاعتصام
Издатель
دار الهجرة للنشر والتوزيع
Номер издания
الأولى
Год публикации
١٤١٨ هـ - ١٩٩٧ م
Жанры
مُوَدِّعٍ فَمَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا؟ قَالَ: «تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا، وَلَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ، وَمَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا فَعَلَيْكُمْ بِمَا عَرَفْتُمْ مِنْ سُنَّتِي وَسُنَّةِ الخلفاء الراشدين من بعدي» الحديث (١) .
فَالْمُبْتَدِعُ إنَّما مَحْصُولُ قَوْلِهِ بِلِسَانِ حَالِهِ أَوْ مَقَالِهِ:
إنَّ الشَّرِيعَةَ لَمْ تَتِمَّ، وأنَّه بَقِيَ مِنْهَا أشياءُ يَجِبُ أَوْ يُسْتَحَبُّ اسْتِدْرَاكُهَا، لأنَّه لَوْ كَانَ مُعْتَقِدًا لِكَمَالِهَا وَتَمَامِهَا مِنْ كلِّ وَجْهٍ، لَمْ يَبْتَدِعْ وَلَا اسْتَدْرَكَ عَلَيْهَا. وَقَائِلُ هَذَا ضَالٌّ عَنِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ.
قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: مَنِ ابْتَدَعَ فِي الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زَعَمَ أنَّ مُحَمَّدًا ﷺ خَانَ الرِّسَالَةَ، لأنَّ اللَّهَ يَقُولُ: ﴿الْيَوْمَ أكملتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾ فَمَا لَمْ يَكُنْ يومئذٍ دِينًا، فلا يكون اليوم دينًا.
(الثالث) أنَّ الْمُبْتَدِعَ معاندٌ لِلشَّرْعِ ومشاقٌّ لَهُ، لأنَّ الشَّارِعَ قَدْ عَيَّنَ لِمَطَالِبِ الْعَبْدِ طُرُقًا خَاصَّةً عَلَى وُجُوهٍ خَاصَّةٍ، وقَصَرَ الخَلْقَ عَلَيْهَا بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ وَأَخْبَرَ أنَّ الْخَيْرَ فِيهَا، وأنَّ الشَّرَّ فِي تعدِّيها - إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ، لأنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ، وأنَّه إنَّما أَرْسَلَ الرَّسُولَ ﷺ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ. فَالْمُبْتَدِعُ رادٌ لِهَذَا كُلِّهِ، فإنَّه يَزْعُمُ أنَّ ثمَّ طُرُقًا أُخر، لَيْسَ مَا حَصَرَهُ الشَّارِعُ بِمَحْصُورٍ، وَلَا مَا عيَّنَه بمتعيِّن، كأنَّ الشَّارِعَ يَعْلَمُ، وَنَحْنُ أَيْضًا نَعْلَمُ. بَلْ رُبَّمَا يُفهم مِنِ اسْتِدْرَاكِهِ الطُّرُقَ عَلَى الشَّارِعِ، أنَّه علم ما لم يعلمه
_________
(١) [صحيح] رواه أبو داود (٤٦٠٧)، والترمذي (٢٦٧٦)، وابن ماجه (٤٢،٤٣،٤٤) وغيرهم مع اختلاف يسير في اللفظ.
1 / 17