ومثلُ حديثِ أنسٍ حديثُ عائشةَ: «أنَّهم كانوا يَفْتتحونَ القراءةَ بـ ﴿الحمد الله رب العالمين﴾» (^١)، وقد رُوِي: «يَفْتتحونَ القراءةَ بـ ﴿الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين﴾» (^٢). وهذا صريحٌ في إرادةِ الآيةِ.
وأيضًا: فافتتاحُ القراءةِ بالفاتحةِ قبلَ السورةِ منَ المعلومِ الظاهرِ، يعرفُه الخاصُّ والعامُّ، كما يعلمونَ الركوعَ قبلَ السجودِ، فليسَ في نقلِ مثلِ هذا فائدةٌ.
لكن ليسَ في حديثِ أنسٍ نَفْيٌ لقراءتِها سرًّا؛ لأنه رُوِي: «فكانوا لا يَجْهرونَ» (^٣)، فنَفَى الجهرَ، وكَذا قولُه: «لا يَذكرون»، نَفَى ما يُمكِنُه العلمُ به، وذلك موجودٌ في الجهرِ، فإنَّه إذا لم يُسمَعْ مع القُربِ عُلِم أنَّهم لم يَجهروا.
وأمَّا كونُ الإمامِ لم يقرَأْها فلا يمكنُ إدراكُه إلا إذا لم يكنْ بينَ التكبيرِ والقراءةِ سكتةٌ.