شرقت بالدمع حتى كاد يشرق بي
من كان يظن أن يذوي الغصن إبان إيراقه، وأن يذبل الزهر ساعة إشراقه، وأن يسرع البدر ليلة التمام إلى محاقه؟
أي حسن لعمري، وأي جميل، وأي كريم في هذه الدنيا لم يكن لأحمد عبد الوهاب؟
هذا الشباب الناضر، وهذا الحظ المواتي الحاضر، وهذا الأيد والقوة، وهذا أسر الفتوة، وهذا العقل الراجح، وهذا الذهن الواضح، وهذا المنطق الناصح، وهذه النفس الوضية، وهذه الشمائل الرضية، وهذا النظر البعيد، وهذا الرأي السديد، وهذا العلم والفضل، وهذه السماحة والنبل، وهذه الكفاية التي دوت بها السهول والجبال، وستتغنى بها الأجيال بعد الأجيال.
هذا كله أحمد عبد الوهاب، وهذا كله لقد دس وا لهفتاه في التراب !
ما حسبت ساعة طلع علي الخبر إلا أنه مزحة بغيضة، وإذ هو وا حسرتاه أبغض مزحات الموت جميعا!
لئن كانت حياتك عجبا من العجب، لقد كان موتك يا عبد الوهاب أعجب العجب! السبل ممهودة، والوسائل موصولة ممدودة، كل شيء في انتظارك، وكل عظيم من الأمر في تنسم أخبارك، قم يا عبد الوهاب وشمر، وأصلح وعمر، وثمر ما شئت أن تثمر، فلقد طالما ضربت على صدق العزم أبلغ الأمثال، وأريت الشباب أن من الشباب من لا يعرف المحال!
تعال يا عبد الوهاب! فمصر الناهضة لطلاب المجد في أشد الحاجة إلى أمثالك، وأمثالك في مصر قليل، وانهض من مطالبها بعبئك وعبئك منها ثقيل.
تعال يا عبد الوهاب! فقد آن لمصر أن تعتز بما لها من المفاخر، وآن لها أن تعتد بما فيها من الذخائر، انظر كيف ترى الآمال بك معقودة، والعظائم في ترقب طلعتك مجموعة محشودة؟ أقدم أقدم! فما عودت مصر الإحجام، في ساعة الجلى ولا في حد الصدام.
ما لك لا تجيب؟ أحقا لقد عدا الموت عليك، وإنها لجناية على البلد جميعا؟
Неизвестная страница