Мухаййалят Хандарис: кто боится Усмана Бушри?
مخيلة الخندريس: ومن الذي يخاف عثمان بشري؟
Жанры
قلت له، وأنا أحملق في عينيه: نديك 200!
قال وقد برقت عيناه إثارة: 500 بس، أنا جاملتكم، اللي في عمرهم ده الواحد 500، شيلوا الاتنين ب 500.
كما يقول المثل: «كنا نريد أن نصطاد فأرا، فاصطدنا فيلا!»
ها هي بوابة قميئة فتحت الآن، كنا نعلم بأنها موجودة في مكان ما لكن لا ندري أيا من خيوطها. بعد تشاور فيما بيننا، عزمنا على معرفة التفاصيل التي سوف نحتفظ بها لأنفسنا، إلى أن يحين وقت العمل. ها هو أول الخيط، لن نفرط فيه بعد الآن، مهما كلفنا. اقترحنا بأن نقوم بإغرائه بالمال ... إذا رفض فإننا اتفقنا على أن ننتزع المعلومات منه بالقوة. قررنا من حينها بسجنه في مكتب المنظمة إلى حين معرفة كل خيوط الشبكة . لكنه عندما رأى أول ألف جنيه حدثنا عن الزبائن. هو لا يعرف غير الزبائن الوسطاء، أما كل ما عداهم في علم الغيب. بالطبع صدقنا ذلك؛ لأن الزبائن ليسوا بالغباء الذي يجعلهم يكشفون له كل خيوط اللعبة، ولا الأهم منها، أو بعضها، فهو قد يقع في يد من يجبره على قول كل شيء في يوم ما. من ثم حدثنا عن الزبون الذي ينتظر في أم درمان لشراء التوءمين. سألناه: فيم يستفيد الزبائن من الأطفال؟ قال: إنه لا يعرف، لكن يقال: إنهم يستخدمونهم اسبيرات (قطع غيار).
عن طريق كمين قمنا بنصبه مع بعض أصحابنا في المباحث الجنائية والشرطة، في أقل من ساعتين، كان في يدي البوليس أحد أخطر الوسطاء في الخرطوم في المتاجرة بالأطفال، وهو من دل رجال المباحث على موقع «الجزارة البشرية»، طبعا بعد تمارين شاقة نفذها في غرفة الاعتراف والرقص الممتاز! •••
بالتأكيد، هذه الرواية ليست رواية بوليسية، وأنتم تتفهمون ذلك. أيضا لكي لا نربك القراء وبعض النقاد المحتملين، فالراوي فيما يلي هو الكاتب نفسه؛ لأنني لاحظت أن الأبطال الحبريين، الذين صنعتهم بنفسي وبما لدي من مواهب في بنائهم الموضوعي، وتشكيلهم تاريخيا ونفسيا، أخذوا يسوقون الرواية نحو مخافر الشرطة، ينحون بها منحى بوليسيا، ويتحدثون عن أصحاب لهم في الشرطة والمباحث الجنائية. أنا مثلي مثل ألفريد هتشكوك، وكل المؤمنين البسطاء، أخاف من الشرطيين. لذا سأقود السرد هنا بنفسي، كروائي وراو؛ حتى أجنب روايتي الوقوع في فخ الأجاثاكرستية، أو الكوناندولية، أن تصير رواية بوليسية، وبعد أن أنقذ روايتي سأعيد مقود الأمور للراوية الأساسية سلوى، أو غيرها ممن أتوسم فيهم خيرا. هذا يعني ببساطة أن السرد سوف لا يعود القهقرى إلى كيف تم القبض على عصابة الاتجار بالأطفال، كيف قاوموا، كيف تحايلوا، كيف تبادلوا الركلات، الضربات ... وتراشقوا بالأسلحة البيضاء؟ ولا كيف استل الشرطيون أسلحتهم النارية في مواجهة عنف البازنجر، من مات، من جرح من؟ وأنني أيضا سأتجاهل الأحداث التي كانت قبل وبعد أن يقول كبير ضباط الشرطة، وقد تطاير الشرر الممزوج بالخوف من عينيه : «اقتله، اقتله، عايز يخصيني، أرجوك!»
لكنني كما يفعل ربان السفينة التي تمرد بحارتها، وأعلنوا تحولهم إلى قراصنة، سأتدبر أمر روايتي بحكمة، بحرفية، وطول بال.
لا أدري كيف تجمع السكان بهذه السهولة حول الموضع الذي سيصبح في الشهور القادمة حديث الصحافة والناس، خاصة بعد فضيحة لجنة المنظمات التي تعمل في مجال حقوق الأطفال، تلك اللجنة الدولية التي جاءت تتقصى الخبر أو ما أسموه جريمة العصر، ودخلت البلاد بغير تصديق رسمي، حيث تم رفض طلبها من أولياء أمر الشعوب السودانية وسدنة أسرارها. وما سمي بفضيحة هو نجاح بوليسنا الهمام في القبض عليهم متلبسين بالتحري في قضية «الجزارة البشرية» - هذا هو الاسم الذي أطلقه بعض المعارضين والخونة للبيت الذي نحن بصدد التحدث عنه - بدون تصديق رسمي.
البيت بناية جديدة تتكون من طابقين، وهو سمة البيوت الكثيرة التي بناها الأثرياء الجدد، شيد في مدينة الفردوس، حي الصفاء، يجاور المبنى الفخم لشركة نون، الرائدة والمحتكرة لتجارة وتوريد سيارات شركة تويوتا اليابانية. للذين يعرفون تفاصيل وأفرع شارع الستين نستطيع أن نصف لهم المكان بجملة قصيرة: «تقاطع ش60 مع 33»، في شارع قذر، هذه الصفة الأخيرة ليست استثنائية، فكل شوارع المدينة تتصف بها، حتى أكثر أحياء العاصمة رقيا، حيث تتناثر في شوارعها أكياس البلاستيك الفارغة، فوارغ الأطعمة الجيدة، المزابل الحزينة، الأتربة، ونفاياتهم المنزلية القيمة. في العادة يبقي الأثرياء على بقايا مواد وحفريات البناء، من: طوب، أسمنت متحجر، قطع سيخ غير مفيدة، بعض الحصى، رمال صفراء خشنة، ما يمثل شحنة عربة نقل كبيرة من الأتربة وغيرها، تبقى عشرات السنوات بعد اكتمال المبنى إلى أن تصير هي ذاتها أحد معالم المكان. لا أدري ما الحكمة من ذلك؟! قال لي أحد الأصدقاء، مفسرا تلك الظاهرة: «إن جل هؤلاء الأثرياء الجدد ذوو عقلية ريفية بسيطة مثلهم مثل السياسيين، وليس بإمكانهم أن يفرقوا ما بين ما هو أوساخ وما هو زينة الحياة الدنيا.» يعجبني تعبير الروائي ميلان كونديرا قاصدا تلك الفئة: إنهم ليسوا أثرياء، لكنهم فقراء لديهم مال.
إذا تركنا النميمة جانبا، نجد كبار أثرياء المكان، بعض العاملين في بيوتهم، والقليل من الأطفال الذين لم ينصاعوا لأوامر أسرهم بالبقاء في المنازل وألا يقلقوا بشأن ما يدور؛ لأن التفاصيل ستصل إليهم في غرفهم الآمنة، نضيف إليهم ما لا يقل عن مائة شرطي مدججين بأسلحتهم الأوتوماتيكية الرهيبة، عشرين من الصحفيين، ثم الأطفال الأحياء الذين يتم إجلاؤهم من المبنى الآن، يغادرون مثل العميان إلى عربة الإسعاف. عندما مر موكب الجثث أو الرفات المحروق بعد ذلك، يتبعه خيط من العفونة، كان الأهالي ذوو القلوب الرقيقة الرحيمة والأنوف الطازجة قد هربوا بعيدا قابضين بأناملهم على أنوفهم في تأفف مقيت، اثنان منهم على الأقل سقطا مغمى عليهما. كان عبد الباقي، سلوى، مدير المنظمة الأصلع وكثير من أصدقائهم، يقفون في داخل قاعة الاستقبال معا ورجال المباحث. كانت دكتورة مريم ومعها مستشاران من الطب الشرعي، يتجولون حول ما يشبه قبرا أسطوريا ضخما، أو أكبر قبر على وجه الأرض، قبر لا يمكن ملؤه؛ لأنه يحول الجثة إلى بعض رفات حنين وسهل التخلص منه. ينقسم المبنى إلى قسمين رئيسيين مفصولين فصلا تاما عن بعضهما البعض، قسم للإعاشة وهو يتكون من مطبخ كبير، سفرة تسع عشرين شخصا وست حجرات، واحدة للمشرفة والطباخة، وخمس غرف أخرى بكل غرفة أربعة أسرة. يحتل قسم الإعاشة هذا الطابق الأعلى من المبنى كله، كان معدا جيدا بحيث يشكل بيئة معقولة للأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين الرابعة والثامنة عشرة، بينهم بنتان. ولو أن الأطفال كانوا في حالة من الإعياء بالغة؛ نتيجة للمخدر الذي يتناولونه بصورة مستمرة، أو كما لاحظ أبطالنا، كانوا شبه موتى. حسنا، إنهم مثل الزومبي
Неизвестная страница