ذهب ثلثا دينه.
قال ابو بكر بن دريد اخبرنا ابو حاتم عن الأصمعى: ان اعرابية اضلت بعيرا لها فقالت: اللهم اعوذ بك منك وأقسم عليك بك الا رددت بعيرى، فناداها مناد وهى نائمة: هذا بعيرك، فانتبهت فاذا بعيرها معقول الى جانبها.
قال: وعظ اعرابى ابنه وكان اتلف ماله في الشراب، فقال: لا الدهر يعظك ولا الأيام تنذرك، والساعات تعد عليك الأنفاس، والأنفاس تعد منك، احب أمريك اليك، تردهما (١) بالمضرة عليك.
وأوصى أعرابى أخاه فقال: يا اخى! يسار النفس افضل من يسار المال فان لم ترزق غنى فلا تحرمن تقوى فرب شبعان من النعم غرثان من الكرم، واعلم أن المؤمن على خير ترحب به الأرض وتستبشر به السماء، ولن يساء اليه في بطنها وقد أحسن على ظهرها.
قال: وسمع اعرابى رجلا يذم السلطان فقال: ويحك! انك غفل، لا تسمك التجارب وفى النصح لسع العقارب، لكأننى بالضاحك اليك باك عليك.
وقال آخر: ان الموت ليتقحم على النفس تقحم الشيب على الشباب، ومن عرف الدنيا لم يفرح منها برخاء ولم يحزن منها على بلوى.
وأخبر الأصمعى عن ابى المجيب قال: سئل معبد بن طوق عن حاله في مرض له فذكر شدة علته فقيل له: كأنك تخاف الموت؟ فقال: وكيف لا اخافه وقد استأنيت اختصار المدة وانقضاء العدة وتمام الظمأ.
وقال آخر لرجل: علام حرمتنى؟ فوالله! ما زلت قبلة لأملى ولا تلفتنى عنك الا الأطماع فان قلت: قد أحسنت بدأ، فما ينكر لمثلك ان يحسن عودا.
وقال آخر: ان من الظفر بالحاجة تعجيل اليأس منها اذا اخطأك قضاؤها، وإن الطلب وإن قل اعظم قدرا من الحاجة وإن كثرت (٢) والمطل من غير عسر آفة الجود.
_________
(١) لعله: اعودهما.
(٢) قد تقدم هذا.
1 / 48