فازدجر، وأجاب فأناب، ورجع فتاب، واقتدى فاحتذى فباحث طلبا ونجا هربا، وأفاد ذخيرة، وأطاب سريرة، وتأهب للمعاد، واستظهر بالزاد ليوم رحيله، ووجه سبيله، وحال حاجته، وموطن فاقته، فقدم امامه لدار مقامه، فمهدوا لأنفسكم في سلامة الأبدان فهل ينتظر اهل غضارة الشباب لا حواني الهرم، وأهل مدة البقاء الا مفاجأة الفناء، واقتراب الفوت ودنو الموت، وازف الانتقال واشفاء الزوال، وحفز الانين، ورشح الجبين، وامتداد العرنين وعلن القلق (١) وفيظ الرمق وألم المضض وغصص الجرض (٢).
ومن كلامه رضوان الله عليه
"القلوب قاسية عن حظها، لاهية عن رشدها، غير مضمارها كأن المعنى سواها".
ومن مواعظه
اتقوا الله تقية من شمر تجريدا، وحد تشميرا، وانكمش في مهل، وأشفق في وجل، ونظر في كرة المآل وعاقبة المصير، ومغبة المرجع، كفى بالله منتقما ونصيرا، وكفى بالجنة ثوابا ومآلا، وكفى بالنار عقابا ونكالا، وكفى بكتاب الله حجيجا وخصيما.
ومن كلامه رضى الله عنه
رحم الله امرءا استشعر الحزن وتجلبب الخوف، وأضمر اليقين، وتجلبب الخوف وعرى عن الشك، وتوهم الزوال فهو منه على بال، فزهر مصباح الهدى في قلبه وقرب به على نفسه البعيد، وهون الشديد فخرج من صفة العمى، ومشاركة الموتى، وصار في مفاتيح الهدى ومغاليق ابواب الردى،
_________
(١) في هامش نسخة المتحف وفى نسخة: علز القلق، والذى في نسخة السماع بالنون وهو الصحيح؛ لأن العلز هو القلق فيلزم منه اضافة الشىء إلى نفسه.
(٢) راجع المقلق لابن الجوزي (ص١٠٠). ش
1 / 21