وقد قال من قبلنا إذا كان الايجاز كافيا كان الاكثار هذرا وإذا كان الاكثار ابلغ كان الايجاز عيا وخير الامور اوسطها والله الموفق للصواب.
فاول ما نستفتح به ما جاءنا عن نبينا ﵌ من الفاظه التي لا يشوبها كدر العىّ ولا يطمس رونقها التكلف ولا يمحو طلاوتها التفيهق وقد ضمنت هذا الكتاب اخبارا واشعارا سمعتها فعزوتها الى من سمعتها منه واشياء قرأتها فيما قرأت من الكتب على اشياخنا ﵏ فمنها اجازة ومنها سماع ومنها ما رويته بنزول وسابين ذلك في مواضعه ان شاء الله تعالى
(باب)
ما سمع من النبي ﵌ ولم يسمع من غيره قبله
قوله ﵌: "لا ينتطح فيها عنزان" قاله في عصماء بنت مروان اليهودية، وكانت تهجو رسول الله ﵌ وتوذيه، فقتلها القارى رجل من الانصار (١) وكان ضعيف البصر فطرقها ليلا فقتلها فلما صلى الصبح مع النبي ﵌ فقال له اقتلت عصماء قال نعم يا رسول الله فقال لا ينتطح فيها عنزان فخص النبي ﵌ العنزين دون الغنم، لان العنز انما تشام العنز ثم تفارقها وليس كنطاح الكباش وغيرها، فانظر اين هذا الكلام من قول عدى بن حاتم لما قتل عثمان رضى الله عنه: "لا تحبق فيها (٢) عنز" ففقئت فيها عينه يوم صفين وقتل ابنه طريف فقال له معاوية بعد الاستقامة هل حبقت العنز في قتل عثمان قال اى والله والتيس الاعظم.
_________
(١) هو عمير بن عدى الخطمى - كما في سيرة ابن هشام.
(٢) كذا في المطبوع، وفي الجمهرة ١: ٢٨١: "فيه". ش
1 / 2