348

وأشباهها من الجزائر، التي لا يؤتى إليها ولا منها؟ فإن كنتم ألزمتم هؤلاء فريضة المعرفة بالله، وأنتم لا تقولون بحجة العقل، ولا بداية الفكر، فإنما ألزمتموهم فعل ما لا يصلون إلى فعله، لعجز خلقتهم، فهذا مما لا يجوز على الله عز وجل أن يكلف أحدا من عباده، فعل شيء مما لا يطيقونه، ولا تحتمله خلقتهم، أو كنتم تحطون عنه الفرض بمعرفة الله وحده لا شريك له، فتجيزون لهم الإشراك بالله، والجحد لربوبيته، قيل له: قد أجبنا في مثل هذه المسألة، ونحن نجيب في هذه الأخرى إن شاء الله، ونقول: إنه لا يخلو من في جزيرة من الجزائر من أن يكون على شيء من دين الله الذي هو دين أنبيائه، فهذا واسع عليه أن يقيم على ما هو عليه من ذلك في جزيرة كان أو في برية، أو حيثما كان، وأينما كان، أو يكون على غير دين الله ممن هو على الكفر بالله، والجهالة بدينه، وأنبيائه ورسله، فهذا لا يسعه أن يقيم على كفره لصحة بصره كما قلنا، وليس في قولنا بأن الإقامة لا تسعه على الكفر الذي هو فعله باكتساب منه واختيار، ومما قد يوجب بأنا قد ألزمناهم فعل ما تحتمله خلقتهم، ولا تقوم به بنيتهم.

وأما ما ذكرتم من الصم (¬1)

¬__________

(¬1) الصم: انسداد الأذن وثقل السمع، صم يصم بفتحها، وأصمه الله، قال تعالى: (فأصمهم وأعمى أبصارهم) سورة محمد آية 23. وهم أصم، والجمع: صم وصمان.

وشبه بالأصم من لا يصغي إلى الحق ولا يقبله فقال تعالى: (صم بكم عمي) سورة البقرة آية 18، 171. والصماء: الداهية.

Страница 152