282

وقال أهل الحق: إن الله قدر جميع الأفعال وخلقها، وقضاها من فاعليها، ولسنا نقول: إنه جبر أحدا على ما كان منه من طاعة أو معصية، ولا نقول: إن أحدا أوتي في شيء من التقصير عن طاعة ربه من قبل الله في تقديره لما كان من فعله ولا قضائه، ولا علمه أنه سيكون منه، والجبر منع واستكراه، ولم نر أحدا من العالمين للطاعة والمعصية مستكرهين على شيء من فعلهم، وهم لكل ما فعلوه من ذلك مريدون، ولجميع ما أتوا من الفعل المفعول عن المتروك مختارون، وإليه قاصدون، فبطل بذلك قول جهم ومن قال بقوله من أصناف المجبرة.

... ونحن سائلوهم فنقول لهم: ما وجه الحكمة من الله في أمره لمن أمر من عباده، أو نهيه لمن نهاه منهم؟ إذا كان القول عندكم في الأفعال على معنى ما ذكرتم من قول القائل: طلعت الشمس، وهبت الريح، ومات الرجل؟ فهلا أمر الشمس ونهاها بالطلوع، والريح بالهبوب، والرجل بأن يموت، أو ينهى عن ذلك إذا كان الأمر في جميع ذلك على ما قلتم؟ وفي إبطال الأمر في هذه الأشياء والنهي عنها، وإثبات الأمر والنهي في غيرها من أفعال العباد ما يوجب التفرقة بين ما سويتم بينه من ذلك، فهل تتفق التسوية بين الحكم إلا باتفاق العلل، وأما إذا اختلفت العلل فلا.

Страница 84