يا نفس:
الدنيا لا تصفو لشارب، ولا تفي لصاحب، فهي ملية بالمصائب، طارقة بالفجائع والنوائب، والعاقل من هجر شهوته، وأسخط دنياه وأرضى آخرته، والعارف من عرف نفسه فأعتقها (1)، ونزهها عن كل ما يبعدها ويوبقها.
يا نفس:
الدنيا إذا تحلت (2)، أنحلت، وإذا حلت أو حلت، فالحازم من جاد بما في يده، ولم يؤخر عمل يومه إلى غده، والكيس (3) من كان يومه خيرا من أمسه، وعقل الذم عن نفسه، والشقي من اغتر بحاله، وانخدع لغرور آماله، والجاهل لا يرتدع، وبالموعظة لا ينتفع.
يا نفس:
الدنيا شرك النفوس، وقرارة كل ضر (4) وبؤس، وهي عرض حاضر، يأكل منه البر والفاجر، فأخوك في الله من هداك إلى رشاد، ونهاك عن فساد، وأعانك على إصلاح المعاد، والحازم من لم يشغله غرور دنياه، عن العمل لأخراه،
Страница 54