Мухаммад
محمد صلى الله عليه وسلم
Жанры
Жизнь пророка
-لما قدم أصحاب النبي ﷺ مكة من الهجرو الأولى (بسبب إسلام عمر وإظهار الإسلام) اشتد عليهم قومهم وسطت بهم عشائرهم ولقوا منهم أذى شديدًا فأذن لهم رسول الله ﷺ في الخروج إلى أرض الحبشة مرة ثانية فكانت خرجتهم الآخرى أعظمها مشقة ولقوا من قريش تعنيفًا شديدا ونالوهم بالأذى واشتد عليهم ما بلغهم عن النجاشى من حسن جواره لهم وتخوفوا من حماية دولة أجنبية قوية للمسلمين المهاجرين. فقال عثمان يا رسول الله فهجرتنا الأولى وهذة الأخرى إلى النجاشى ولست معنا. فال رسول الله أنتم مهاجرون إلى الله إلى لكم هاتان الهجرتان جميعًا قال عثمان فحسبنا يا رسول الله. وكان عدة من خرج في هذة الهجرة من الرجال ثلاثة وثمانين ومن النساء إحدى عشرة إمرأة قرشية وسبعا غرائب فأقام المهاجرين بأرض الحبشة عند النجاشى في أحسن جوارفلما سمعوا بمهاجر رسول الله ﷺ إلى المدينة رجع منهم ثلاثة وثلاثون رجلا ومن النساء ثماني نسوة فمات منهم رجلان بمكة وحبس بمكة سبعة نفر.
حصار الشعب وخبر الصحيفة.
لما رأت قريش أن أصحاب رسول الله ﷺ قد نزلوا بلدًا أصابوا به أمنا وقرارًا وأن النجاشى قد منع من لجأ إليه منهم وأن عمر قد أسلم فكان هو وحمزة مع رسول الله ﷺ وجعل الإسلام ينتشر في القبائل اجتمعوا وائتمروا أن يكتبوا كتابًا يتعاقدون فيه على بني هاشم وبني المطلب عل أن لا يناكحوهم ولا يبايعوهم ولا يخالطوهم ولا يقبلوا منهم صلحًا أبدًا ولا تأخذهم بهم رأفة حتى يسلموا رسول الله للقتل أعنى أنهم اتفقوا وتعهدوا على مقاطعتهم مقاطعة تامة انتقامًا منهم لإسلامهم ودفاعهم عن رسول الله ﷺ وكتبوا بذلك صحيفة توكيدًا لأنفسهم وعلقوها في جوف الكعبة هلال المحرم سنة سبع من النبوة (٦١٧ م) . وكانت الصحيفة مكتوبة بخط منصور بن عكرمة بن عامر بن هاشم في شعبه مع بني هاشم وخرج أبو لهب إلى قريش فظاهرهم على بني هاشم وبني المطلب وقطعوا عنهم الميرة والمادة فكانوا لا يخرجون الامن موسم إلى موسم حتى بلغهم الجهد وسمع أصوات صبيانهم من وراء الشعب. فمن قريش من سره ذلك ومنهم من ساءه وقال انظروا ما أصاب منصور بن عكرمة، فأقاموا في الشعب ثلاث سنين حتى أنفق رسول الله ﷺ ماله وأنفق أبو طالب ماله وأنفقت خديجة مالها وصاروا إلى حد الضر والفاقة. ثم أطلع الله رسوله على أمر صحيفتهم وأن الأرضة قد أكلت ماكان فيها من جور وظلم وبقي ما كان فيها من ذكر الله، فذكر ذلك رسول الله ﷺ لأبي طالب فذكر أبو طالب لأخوته وخرجوا إلى المسجد. فقال أبو طالب لكفار قريش إن أخي قد أخبرني ولم يكن يكذبني قط أن الله قد سلط على صحيفتكم الأرضة فلحست ما كان فيها من جور أو ظلم أو قطيعة رحم وبقي فيها كل ما ذكر الله فإن كان ابن أخي صادقا نزعتم عن سوء رأيكم وإن كان كاذبًا دفعته اليكم فقتلتموه أو استحييتموه. قالوا قد أنصفتنا فأرسلوا إلى الصحيفة ففتحوها فإذا هي كما قال رسول الله ﷺ فسقط في أيديهم ونكسوا على رءوسهم. فقال أبو طالب علام نحبس ونحصر وقد بان الأمر، ثم دخل هو وأصحابه بين أستار الكعبة والكعبة فقال اللهم انصرنا ممن ظلمنا وقطع أرحامنا واستحل فيهم مطعم بن عدي وعدي بن قيس وزمعة بن الأسود وأبو البَخْتَري بن هشام وزهير بن أبي أمية ولبسوا السلاح ثم خرجوا إلى بني هاشم وبني المطلب فأمروهم بالخروج إلى مساكنهم ففعلوا. فلما رأت قريش ذلك سقط في أيديهم وعرفوا أن لن يسلموهم وكان خروجهم من الشعب في السنة العاشرة.
وفي سيرة ابن هشام أنهم أقاموا على ذلك سنتين أو ثلاثا حتى جهدوا لا يصل اليهم شيء الا سرًا مسخفيا به من أراد صلتهم قريش وقد كان أبو جهل بن هشام فيما يذكرون لقى حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد معه غلام يحمل قمحا يريد به عمته خديجة بنت خويلد وهي عند رسول الله ومعه في الشعب فتعلق به وقال أتذهب بالطعام إلى بني هاشم واللذه لا تبرح أنت وطعامك حتى أفضحك بمكة فجاءه أبو البختري وقال: طعام كان لعمته عنده بعثت إليه فيه أفتمنعه أن يأتيها بطعامها؟ خلّ سبيل الرجل. فأبى أبو جهل حتى نال أحدهما من صاحبه. فأخذ له أبو البختري لَحْيَ بعير فضربه به فشجه ووطئه وطئًا شديدا وحمزة بن عبد المطلب قريب يرى ذلك وهم يكرهون أن يبلغ ذلك رسول الله ﷺ وأصحابه فيشمتوا بهم ورسول الله على ذلك يدعوا قومه ليلا ونهارا وسرًا وجهارًا مباديا بأمر الله لا يتقي فيه أحدًا من الناس. هذا ومن المدهش أن مرجوليث يقول أن أبا جهل كان مشهورا بالعقل والذكاء (١)، وهي تدري لماذا أيها القارئ؟ لأنه كان معاديًا لرسول الله لأن أعماله وصفاته التي ذكرناها لا تدل على أنه كان عاقلا ذكيًا. إن النبي ﷺ كان يدعو العرب إلى ما فيه خيرهم وسعادتهم في دنياهم وأخراهم. كان يدعو إلى عبادة الله الواحد وإلى نبذ عبادة الحجارة ومعنى ذلك. أنه كان يعمل على انتشالهم من الإنحطاط الديني الذي كانوا غارقين فيه ورفعهم إلى أعلى المراتب وأسمى العقائد. وعدا ذلك فقد كان ﵇ يهذبهم ويعلمهم مكارم الأخلاق ويبث في نفوسهم الآداب الإجتماعية العالية، فهل يقال عن رجل أتصف بشدة عداوته لرسول الله ﷺ أنه عاقل؟ ثم أن مرجوليث يظهر حمقه على من أسلموا ولاسيما إذا كانوا من الأبطال الأشداء فيرميهم بأوصاف ذميمة منفردة.
(١) راجع كتاب محمد ص ١٥٣.
1 / 132