Мухаммад Икбал
محمد إقبال: سيرته وفلسفته وشعره
Жанры
واعترض مستر دكسن على فلسفتي بأن دائرتها محدودة وإن كانت أصولها عامة «يعني أن إقبالا خاطب المسلمين، وطبق فلسفته عليهم وحدهم.»
حق إن الفلسفة والشعر ينبغي أن تكون لهما مقاصد إنسانية عامة، ولكن هذه المقاصد إذا أريد تحقيقها في أعمال الحياة لم يكن بد من تحقيقها أول الأمر في جماعة بعينها لها مسلك معين ومذهب مستقل، ولكن طرائقها في العمل تتسع بالدعوة والتبليغ إلى غير نهاية. وعندي أن هذه الجماعة هي الأمة الإسلامية. فالإسلام عدو لعصبيات الألوان والأجناس. وهي أصعب العقبات في سبيل اتحاد أمم العالم - قد غلط رينان حين قال إن الإسلام والعلم ضدان والحق أن الإسلام وعصبية الأقوام لا يجتمعان، إن أكبر أعداء الإسلام، بل الإنسانية، هذه العصبية. فعلى محبي الإنسانية أن يجاهدوا جهد طاقتهم هذه العصبية التي اخترعها إبليس.
قد رأيت أن عالم الإسلام كذلك سرت فيه القومية والوطنية القائمتان على عصبية الأمة والوطن، ورأيت المسلمين يغفلون عن مقاصدهم العامة ويقعون في شباك القومية والوطنية، فرأيت فرضا علي، بأني مسلم أو محب للإنسانية، أن أوجههم إلى مقاصدهم الحق.
لا أنكر أن عصبيات القبائل والأمم نافعة، إلى حين، في نشوء الحياة الاجتماعية وارتقائها، فلست أعترض على الاهتمام بهذه العصبيات من هذه الجهة، ولكن إذا عدت القومية أعلى درجات الرقي الإنساني فهي عندي أكبر لعنة على الإنسانية.
لا ريب أني أحب الإسلام وأهيم بحبه، ولكن خطأ قول دكسن أني خصصت المسلمين بكلامي عصبية لوطن أو أمة. لم يكن لي وسيلة أخرى لتطبيق هذه الفلسفة. إذ رأيت الجماعة الإسلامية أكثر الجماعات ملاءمة لمقصدي.
ثم الإسلام ليس من الضيق كما يتوهم دكسن؛ فالتعليم الإسلامي لا يخص قبيلا دون قبيل، ولكن يقصد إلى أخوة البشر كافة. فهو يدعو الناس أجمعين إلى التعاون والتآخي، وأن يغفل في هذه السبيل ما بينهم من اختلاف جزئي:
قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله .
وأكبر الظن أن مستر دكسن لا يزال في أسر الوهم القديم، وهم أهل أوروبا أن الإسلام يدعو إلى القتل وسفك الدماء. والحق أن سلطان الله على الأرض، لا يخص المسلمين بل يمكن أن يعم الناس أجمعين، على أن يتركوا عبادة الأصنام، أصنام النسب واللون والقوم والوطن. لا تستطيع إسعاد الناس معاهدات الصلح ومجالس الأمم، وأوامر الملوك. لن يستطاع هذا إلا بالاعتراف بحرية الناس وتساويهم دون نظر إلى نسب أو وطن ...
لا أنكر أن المسلمين كغيرهم خاصموا أو حاربوا أو سخروا الأقطار، وأن بعض سلاطينهم ألبسوا مطامعهم لباس الدين، ولكني على يقين أن الفتح والتسخير ليسا من مقاصد الإسلام، بل أعتقد أن الفتوح عاقت نماء النظام المبارك، نظام الشورى الذي نجد أصوله في القرآن والحديث. ولم يكن للمسلمين بد من إقامة الممالك العظيمة في أرجاء الأرض، ولكنهم اضطروا في سبيلها إلى العدول عن بعض سننهم القويمة. وغلب على أغراضهم السياسية مسحة غير إسلامية. فأغمضوا عيونهم عن سعة المقاصد الإسلامية وعمومها.
لا ريب أن الإسلام قصد إلى دخول الناس فيه ولكن دون إكراه ... إن العقائد الإسلامية يسيرة معقولة. فهي توافق العقل السليم، وتسلم من تعقيد الفلسفة.
Неизвестная страница