Мухаммад Али Джиннах

Аббас Махмуд Аль-Аккад d. 1383 AH
49

Мухаммад Али Джиннах

القائد الأعظم محمد علي جناح

Жанры

وعرض عليه أحد التجار الكبار عشرة آلاف روبية للمرافعة في قضية، ولاح له من ضخامة الأوراق في ملف القضية أنها تستغرق منه وقتا يشغله عن قضاياه الأخرى، فاعتذر لصاحب القضية، وألح عليه الرجل لشكه في استطاعة محام غير جناح أن يحسن الدفاع عن حقه، وقال له: راجع الأوراق حتى تنفذ المكافأة ولك بعد ذلك أن تتوقف عن القراءة، وكان جناح يقدر المكافأة بالساعات التي تشغلها القضية في أيام العمل، فلما فرغ من مراجعة الأوراق وجد أن حسابه يزيد على ثلاثة آلاف وخمسمائة روبية، فرد إلى الرجل المذهول بقية العشرة الآلاف، وقد كان يراها أقل من جزائه!

ومن الناس من يثبت أمام إغراء المال ويضعف أمام إغراء اللقب أو الوظيفة، ومنهم من يثبت أمام إغراء اللقب والوظيفة ويضعف أمام إغراء السطوة والسلطان، ولكن الفتن النفسية التي امتحن بها الرجل قصدا أو على غير قصد قد أبرزت منه معدنا يثبت على كل إغراء، فلا المال يفتنه ولا اللقب يستهويه ولا السطوة تعجبه أو تكبر في نظره، وربما كانت سطوة تترامى عليها مطامع الأبطال من أشداء الرجال.

نودي به «شاهنشاه» الباكستان فامتعض ووقف في سيارته يوبخ الهاتفين له بهذا اللقب، ويقول لهم: إن خير ما يرجوه أن يكون خادم الباكستان، لا سيد الباكستان.

وعرضوا عليه أن يولوه رئاسة الدولة مدى الحياة فأنكر هذا المبدأ، وأقام القاعدة لمن يليه إلا رئاسة مدى الحياة.

وعرض عليه حزب المؤتمر قبل ذلك أن يختاره رئيسا دائما للمؤتمر، فقال لهم: إنهم إذا قبلوا آراءه التي يخالفونه فيها ويخالفهم فهو سعيد بأن يظل عضوا كغيره من مئات الأعضاء.

وكانت الدولة البريطانية تلوح له بالألقاب العليا وتنتظر منه أن يطأطئ قليلا ليظفر بها، ولكنه لم يأبه لها قط، ولم يزده هذا التلويح إلا استرسالا في الخطة التي ارتضاها، وسنحت للورد ريدنج فرصة عارضة للإيحاء بهذا الإغراء إلى قرينة القائد الأعظم فسألها: ألا تريدين أن تكوني يوما لادي جناح؟ قالت: لو قبل هو أن يكون سير جناح لكان هذا بيني وبينه علامة الافتراق.

ويتحرج الرجل من الشبهات حيث لا موضع للتحرج لولا الحرص على القدوة الواجبة، فقد وصف له الأطباء في أخريات أيامه مسكنا صالحا لعلاجه وحذروه من المسكن الذي يقيم فيه، ووجد المسكن الصالح في حوزة رجل من ذوي المرافق الواسعة، فأبى أن يسكنه بأجرته مخافة أن يكون مالكه متورطا أو أن يدينه السكن فيه بمعروف يجزيه من سلطانه في الدولة.

لقد كان القائد الأعظم بحق فوق الشبهات والظنون، ولم يستطع خصومه أن يظنوا به علة يتعللون بها لتفسير شدته في مطالبه أو مطالب قومه إلا أن يقولوا عنه: إنه رجل واسع المطامع، ومن نجا بمثل هذا الظن الذي يقوله كل قائل عجز عن حصر التهم والعيوب فقد سلم؛ لأنه ظن يقال أو لا يقال على حد سواء.

ومما قيل عنه، ولم يكن قائلوه في معرض الثناء وحسن النية، إنه رجل عملي واقعي مفرط في الواقعية، وإنه لعملي واقعي ما في ذلك جدال، ولكن إذا كان المراد بالعملية الواقعية أنها نقيض المثالية فهو خطأ مردود بغير مشقة، فإن العقل الذي يخلو من النزعة المثالية لا يؤمن بقيام دولة أجمع خبراء السياسة والاقتصاد والاجتماع على استحالتها، وصرح بعض معارضيه أنهم يسلمون له مطالبه ليشهدوه عجزه ويسمعوا منه إقراره بخطله، إنما كان جناح عمليا واقعيا؛ لأنه كفؤ للعمل وكفؤ لتقدير الجهد الذي ينجزه، ومثل هذه الكفاءة تنقل المثالية إلى عالم الواقع، ولا تلغيها من العقل الفعال، فإنما يفعل على مثال حيث يقنع غيره بالنظر إلى المثال والعكوف على أحلام الخيال.

المرحلة الثانية

Неизвестная страница