جميل أن تعطي من يسألك ما هو في حاجة إليه، ولكن أجمل من ذلك أن تعطي من لا يسألك وأنت تعرف حاجته به، فإن من يفتح يديه وقلبه للعطاء، يكون له فرح بسعيه إلى من يتقبل عطاياه، والاهتداء إليه أعظم مما بالعطاء نفسه!
وهل في ثروتك شيء تقدر أن تبقيه لنفسك، فإن كل ما تملكه اليوم سيتفرق ولا شك يوما ما، لذلك أعط منه الآن، ليكون فضل العطاء من فصول حياتك أنت دون ورثتك!
وقد طالما سمعتك تقول متبجحا: «إنني أحب أن أعطي، ولكن المستحقين فقط!»
فهل نسيت يا صاح، أن الأشجار في بستانك لا تقول قولك، ومثله القطعان في مراعيك؟
فهي تعطي لكي تحيا؛ لأنها إذا لم تعطه عرضت حياتها للتهلكة.
الحق أقول لك: إن الرجل الذي استحق أن يتقبل عطية الحياة، ويتمتع بأيامه ولياليه، هو مستحق لكل شيء منك.
والذي قد استحق أن يشرب من أوقيانوس الحياة، يستحق أن يملأ كأسه من جدولك الصغير ... لأنه أي صحراء أعظم من الصحراء ذات الجرأة والجسارة على قبول العطية بما فيها من الفضل والمنة؟
وأنت من أنت! حتى إن الناس يجب أن يمزقوا صدورهم، ويحسروا القناع عن شهامتهم وعزة نفوسهم، لكي ترى جدارتهم لعطائك عادية، وأنفسهم مجردة عن الحياة؟
فانظر أولا هل أنت جدير بأن تكون معطاء وآلة العطاء !
لأن الحياة هي التي تعطي للحياة، في حين أنك وأنت الفخور بأن قد صدر العطاء منك لست بالحقيقة سوى شاهد بسيط على عطائك.
Неизвестная страница