Лекции по языку и литературе
المحاضرات في اللغة والأدب
فالماء يصفو إن نأى فإذا دنا ... منهم تغير لونه وتكدرا
وقول الآخر:
كن من الناس جانبا ... وارض بالله صاحبا
قَلِّبِ الناس كيف شئ ... ت تجدهم عقاربا
وأما أبو العلاء المعري فقد سلى نفسه عن عماه بقوله:
قالوا العمى منظر قبيح ... قلت بفقدانكم يهون
والله ما في الوجود شيء ... تأسى على فقده العيون "
وقال غيره:
الناس داء دفين لا دواء له ... تحير العقل فيهم فهو منذهل
إن كنت منبسطًا رأوك مسخرة ... أو كنت منقبضًا قالوا به ثقل
وإن تخالطهم قالوا به طمع ... وإن تجانبهم قالوا به ملل
وإن تعففت عن أبوابهم كرما ... قالوا غني وأن تسألهم بخلوا
ونحوه قول الآخر:
لا تُعِدَّنَّ للزِمان صديقًا ... وأعِدّ الزمان للأصدقاء
وقول الآخر:
ورب أخٍ ناديته لملمة ... فألفيته منها أجلّ وأعظما
وقول الآخر:
وإخوان اتخذتهم دروعًا ... فكانوها ولكن للأعادي
وخلتهم سهامًا صائباتٍ ... فكانوها ولكن في فؤادي
وقالوا قد صفت منا قلوب ... لقد صدقوا ولكن من ودادي
وقالوا قد سعينا كل سعي ... لقد صدقوا ولكن في فسادي
وقال الآخر:
لقاء الناس ليس يفيد شيئًا ... سوى الهذيان من قيل وقال
فأقلل من لقاء الناس إلاّ ... لأخذ العلم أو إصلاح حال
وقول الآخر:
لا تعرفنْ أحدًا فلست بواجد ... أحدًا أضر عليك ممن تعرف
وقول الآخر:
وما زلت مذ لاح المشيب بمفرقي ... أفتش عن هذا الورى وأكشف
فما إن عرفت الناس إلاّ ذممتهم ... جزى الله بالخيرات من لست أعرف
ومثله قول الآخر:
جزى الله بالخيرات من ليس بيننا ... ولا بينه ود ولا متعرف
فما نالني ضيم ولا مسّني أذى ... من الناس إلاّ من فتى كنت أعرف
ويقال: كتب رجل من أهل الري على بابه جزى الله خيرًا من لا يعرفنا ولا نعرفه ولا جزى الله أصدقاءنا خيرًا فإنا لم نُؤتَ إلاّ منهم.
وينسب للإمام الغزالي ﵁ أيام سياحته:
قد كنت عبدا ً والهوى مالكي ... فصرت حرًا والهوى خادمي
وصرت بالوحدة مستأنسًا ... من شر أصناف بني آدم
ما في اختلاط الناس خير ولا ... ذو الجهل في الأشياء كالعالم
يا لائمي في تركهم جاهلًا ... عذري منقوش على خاتمي
قالوا وكان نقش خاتمه:) وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين (.
وقول الآخر:
من أحسن الظن بأعدائه ... تجرع الهمّ بلا
قال بعضهم: لو كنت ناظما لهذا البيت لقلت: من أحسن الظن بأحبابه ولا أقول بأعدائه.
واعلم " أن تبرم " الناس بالناس واستيحاش بعضهم من بعض واستنقاص البعض للبعض هو أن الإنسان لما فيه من سبعية مؤذ بالطبع من يلقاه إما بيده أو بلسانه شتمًا أو نميمة أو غيبة، وكل من يتأذى منه يستوحش منه ويستنقصه، ولما فيه من الشهوة يتقاضى حظوظه ويضايق عليها غيره لاتساع الشهوة وضيق الدنيا فيثور البغض والحسد وسائر الشر، ثم قد يطمع أن يستحصل حظوظه أو بعضها من الغير، والغير في شغل عنه بحظوظه فيستنقصه، ومن الأول ينشأ العجب بالغني واحتقار الفقير، ومن الثاني ينشأ عدم الوفاء بالوعد والعهد، وذلك أن الإنسان ليس له على التحقيق اختيار، أما باطنًا فلأنه في قبضة الله تعالى، وكيف يتأتى وفاء أو عقد أو حل للعبد دون سيده؟ وأما ظاهرًا فلأنه أسير شهوته وسمير نهمته، وقد قلت في وصف طباع الناس من قصيدة:
ألم ترَ أن الدهر حبلى أنيَّة ... ولادتها يومًا وإن لم تكن تدري
فمن منَحٍ تُسلي ومن محنِ تُسي ... نتائجها صغرى على المرء أو كبرى
ولا تأمنَنْ أبناءه إن تحببوا ... إليك فمن يُشبه أباه فقد برا
وكل بني دهر بأشباه دهرهم ... على ما قضى الله الحكيم وما أجرى
متى ما ارتجوا رَغباء منك تقربوا ... إليك وأبدو خالص الود والبرا
وأخفوا ذميمًا كان فيك وأظهروا ... جميلًا وقالوا ذو محاسن لا تمرى
فذلك أحرى أن يجلوا وينصتوا ... إليك رشادًا كان قولك أو ثبرا
1 / 79