واعلم أن الاسم الذي يوضع على الإنسان علمًا عند الولادة أو عند تبديل اسمه باسم آخر إما أن يكون بصورة الكنية كأبي بكر وأبي القاسم لمن سمي به فيكون اسمه كنيته، وإما أن يكون بغيرها كزيد وعمرو وهو الأغلب، وحينئذ إما أن تقرن به الكنية من أول وهلة فيقال مثلًا: سميت ابني محمدًا وكنيته أبا عبد الله ولقبته جمال الدين، وهذا كله لا إشكال في عَلَميّته، وقد لا يكنى ولا يلقب أولًا، فإذا كني بعد ذلك أو لقب كان ذلك عارضًا لا كالاسم اللازم أبدًا من وجهين: أحدهما أنه لم يكن شيء منهما ثم كان، الثاني انهما يكونان ثم لا يكونان فإنه قد يكنى ثم لا يكنى، وقد يكنيه هذا ولا يكنيه الآخر، وكذا اللقب، فصار كل منهما بمنزلة الوصف يعرض الاتصاف به فقد يقال: كيف يحسبان مع هذا في الأعلام؟ والجواب انهما متى أطلقا على المسمى عيناه عند من عرفهما من غير معنى زائد على الذات، وهذا حاصل العلمية، أما طروعهما فلا يضير، فغن الاسم أيضًا كثيرًا ما يطرأ، والمعتبر ما بعد الطروء كما هو الأمر في التسمية الأولى، وأما كونهما يتركان أحيانًا فللاستغناء عنها بالاسم كما يكون في الشيء يسمى بأسماء مترادفة، فإذا عبر عنه بواحد منها كفى، وفيه يحث، وهو أن الأسماء المترادفة فوضى على مدلولها، ولا كذلك ما نحن فيه، فغن كلًا من الكنية واللقب إنما يجلب لغرض من تعظيم أو تحقير أو غير ذلك مما مرّ، فيكون الوصف محط التسمية، وحينئذ هو كلي، فيكون الاسم اسم جنس أو علم جنس وذلك خلاف ما يقال من أنه علم شخص، وهذا بحث قويّ لم نبسطه لأنا لسنا بصدده، ويجاب بمنع ذلك وأن محط التسمية الذات مع ملاحظة الغرض وكونه يؤتى به عند وجود الملاحظة ويترك عند عدمها، وأن ذلك غير معهود في الاسم لا امتناع فيه فافهم. فأقول:
اسم المؤلف ونسبه
أنا الحسن بن المسعود بن محمد بن علي بن يوسف بن أحمد بن إبراهيم ابن محمد بن أحمد بن علي بن عمرو بن يحيى بن يوسف، وهو أبو القبيلة ابن داوود بن يدراسن بن يننتو، فهذا ما يعد من النسب إلى أن دخل بلد فركلة في قرية منه تسمى حارة أقلال وهي معروفة الآن.
والكنية أبو علي وأبو المواهب وأبو السعود وأبو محمد.
أما ذكري للاسم فلما مر من فوائد التسمي، وأحمد الله تعالى وأشكره إذ جعله حسنًا، وأسأله سبحانه أن يجعل كذلك فعلي وخلقي وحظي في الدارين منه حسنًا، كما أحمده تعالى إذ حسن اسم والدي أيضًا - فجعله مسعودًا، واسأله تعالى أن يجعلني كذلك في الدارين ويجعله مسعودًا.
ومما اتفق لي في اسمي هذا واسم والدي أني كنت ذات مرة سافرت إلى زيارة الأستاذ الإمام ابن ناصر ﵀، فمررت ببلادنا، وكان أخونا في الله البارع الفاضل الخير أبو سالم عبد الله بن محمد العياشي يشتهي أن أمر به في زاويته فلم يتفق لي ذلك فكتبت إليه اعتذارًا:
أبا سالمٍ ما أنت إلاّ كسالمٍ ... لدينا ولم يقضِ اللقاء فسالم
وزود غريبًا طالما قذفت به ... ضروب النوى من كل أفيح قاتم
مرامًا لشرب الكأس وهي منوطة ... بكف الثريا أو بكف النعائم
بود وإن الود من أطيب القرى ... ودعوة صدق عند عقد العزائم
وسلم على من ثم من جملة الملا ... تحية ذي ود إلى الكل دائم
وقولي: " كسالم " تلميح إلى قول الشاعر:
يديرونني عن سالم وأديرهم ... وجلدة بين العين والأنف سالم
وكتب عبد الملك بن مروان إلى الحجاج: " أنت عندي كسالم " فلم يفهم مراده حتى أنشد البيت المذكور، ومراد الشاعر أن سالمًا المذكور الذي يدافع الناس عنه ويحامي عنه في محبته له وعزته عليه بمنزلة الجلدة التي بين الأنف والعين لأن تلك الجلدة هي سالم فهو تشبيه.
ثم لما قفلنا من زيارتنا كتب إلي كتابًا يهنيني بالزيارة ويهني من معي بصحبتي، وفي آخره:
من فاته الحسن البصري يصحبه ... فليصحب الحسن اليوسي يكفيه
1 / 6