Лингвистические заблуждения: третий путь к новой классике
مغالطات لغوية: الطريق الثالث إلى فصحى جديدة
Жанры
لم يفهم ابن جني أن الشاعر ليس بهلوانا يوفق فيكبر أو يسقط فيعذر! «فالشاعر لا يتلقى اللغة تلقيا سلبيا، بل له عليها أثر إيجابي، بطبيعة ما بينهما من علاقة جدلية يتأثر فيها الشاعر باللغة ويؤثر هو كذلك فيها. والضرورة الشعرية يتجلى فيها عمل الشاعر الخلاق من جهة تناوله للغة تناولا مختلفا (وإن كان يتم في أحضان اللغة نفسها)؛ فالشاعر يغير في اللغة بحكم ما له عليها من أثر إيجابي تتحقق به المحافظة على روح اللغة ونموها معا (فاللغة ثبات وتغير وبهما يتحقق للغة شخصيتها وحياتها معا).»
24
من آليات الدراسة الأسلوبية للعمل الأدبي «ملاحظة مواطن الخروج ومناهضة الاستعمال الجاري عليه الكلام، ثم محاولة الكشف عن العلل الاستطيقية (الجمالية/الفنية) الباعثة على ذلك، ويعد الألماني ليو سبتزر رائدا في هذا الباب، فهو يبحث عن روح الكاتب أو الشاعر في لغته على ما تظهر في الخصائص التي يخرج فيها عن المعايير اللغوية الشائعة ويتجاوزها، بحيث يلوح منها الطريق التاريخي الذي يختطه والتغير الطارئ عليه من روح العصر والثقافة في الصورة اللغوية الجديدة. لقد اعتبرت المخالفات النحوية على أيدي النقاد جميعا هفوات، ولكن الضرورة الشعرية باعتبارها خروجا على الاستعمال المألوف للغة وما تقتضيه المعايير المقررة في النظام اللغوي؛ تكشف عن الخصائص الفردية التي بها يظهر روح الشاعر أو الأديب، فمغالبة القوة التي يصنعها اطراد العادة اللغوية لا يمكن تفسيره إلا بالتسليم بأن قوة مناهضة بعثت على النشاط الجديد الذي به خالف التعبير ما استقر عليه الاستعمال. إن اطراد الاستعمال اللغوي من شأنه أن يصبح قوة تتسلط على كل تعبير ناهض؛ إذ تتكون العادة اللغوية التي عليها يطرد التعبير، وتستقر في عقل الجماعة اللغوية، فلا ينفك عنها أي تعبير جديد؛ ولهذا يلزم في بحث الظاهرة اللغوية الكشف عن العلل الداخلية التي تستبطنها. فأي دراسة لا تنطلق في بحث الظاهرة من داخلها تقع في الأوهام التي تقع فيها أي دراسة لا تقوم على الموضوعية؛ لأنها لا تظهر على شيء من حقيقة الموضوع المبحوث»،
25 «وإذا كان الشاعر يناهض الأعراف اللغوية المستقرة؛ فلأن هذه الأعرف لم تعد في خدمة الأغراض التي يسعى إليها الشاعر، فالواقع في الوهم أن الشعراء يتجنون على اللغة، والصحيح أن الضرورة الشعرية إنما هي ضرورة تحتمها القوانين الداخلية للظاهرة اللغوية، وهي في خدمة هذه القوانين وحدها؛ لأنها إنما تستمد وجودها منها، وأي قوانين أخرى تسبق ميلاد الظاهرة نفسها مردودة لأنها أجنبية، والظاهرة إنما تحمل في باطنها المبدأ الخالق لها.»
26
للشعر مناخه اللغوي الخاص، الشعر حيود عن جادة اللغة السوية - لغة النثر؛ لأن للنثر مطلبا وللشعر مطلب آخر، الشعر يقدم المتأخر (أقيس أرى؟ - بالحسن أعدى ...)، ويؤخر المتقدم (باد هواك - من الموجعات النجوم)، ويفصل المتصل (وما للسيف إلا القطع فعل - تبزغ سائلها لماذا الشمس)، ويصل المنفصل (ما أنت بالحكم الترضى حكومته - الدرج الرنا إلي عهدا)، ويكرر (لا يبصر الخطب الجليل جليلا - حتى خطاياه ما عادت خطاياه - كان يا مبسمها كان أن - أخبرتها أخبرتها النجوم)، وينكر (عزيز أسى من داؤه الحدق النجل - مررت كصحو ببال) ... إلخ.
يبحث الشاعر في مادة اللغة عما يحقق له الشكل الجمالي (الاستطيقي ) الدال، وإذا كان للغة سلطان على الناس فللشاعر سلطان على اللغة، وهو في سعيه إلى الأثر الجمالي لا يخرج عن اللغة بل يطورها وينميها ممتدا بها ومنها. وينبغي أن نفهم مواطن خروجه عن المألوف المطرد على أنها كشوف لغوية: منافذ انعتاق، رءوس تبرعم، نقاط شطء، طلائع نمو؛ فهمها النحاة فهما «ألكن» على أنها مواطن قصور وضعف وخطأ، سملها النحاة فأوقفوا نمو اللغة.
في كتابه «بناء لغة الشعر» يخلص جون كوين إلى أن الشعر «انحراف»
Ecart
بالقياس إلى النثر، أو «مجاوزة» كما فضل د. أحمد درويش ترجمتها: «الشعر خروج منظم على قواعد اللغة، والشعر ليس هو النثر مضافا إليه شيء ما، ولكنه هو «المضاد للنثر»، ومن هذه الزاوية فإنه يبدو شيئا سلبيا تماما كأنه شكل «معتل» للغة، لكن هذا العنصر الأول يتضمن عنصرا ثانيا إيجابيا هو أن الشعر لا يهدم اللغة العادية إلا لكي يعيد بناءها وفقا لتخطيط أسمى».
Неизвестная страница