Лингвистические заблуждения: третий путь к новой классике
مغالطات لغوية: الطريق الثالث إلى فصحى جديدة
Жанры
السليقة إن جاز التعبير، وهو الذي جعل نحاة الكوفة يأخذون اللغة عن أي عربي يصادفونه، ويأخذون حتى عن الأطفال والمجانين (والنساء) كما ذكر السيوطي في «المزهر»، وهم بذلك قد خلطوا بين مستويات الأداء المختلفة حيث كان ينبغي الفصل بينها. «على أن النحاة قصروا هذه السليقة على قوم معينين وعلى زمن معين وبيئة معينة، فنشأ في مخيلاتهم ما يمكن أن يعبر عنه ب «ديكتاتورية الزمان والمكان» مغالين في الحرص على العربية والاعتزاز بها.»
8 (4) ديكتاتورية الزمان
جمع قدماء النحاة المادة اللغوية التي تنتمي إلى فترة تمتد من منتصف القرن الثاني قبل الهجرة وتنتهي في منتصف القرن الثاني الهجري أو نهايته، والحق أنه من الصعب، استنادا إلى عدد من الشواهد، أن نقبل رأي من ذهب إلى أن حركة العمل اللغوي الميداني قد توقفت في القرن الثاني الهجري، وبدأت ملاحظة التغير الذي يعتري الاستخدام اللغوي بعد القرن الثاني، إذ نرى مثلا أن الأزهري (ت. 370ه) في القرن الرابع قد اعتمد في معظم المادة التي وردت في معجمه «تهذيب اللغة » على النقل المباشر، إذ إنه جمعها من البدو الذين عاش بينهم فترة من الزمن، ونميل إلى ما ورد لدى المصادر العربية من أن الاستشهاد باللغة (العمل اللغوي الميداني) قد انتهى في القرن الرابع،
9
وقد اتخذ مجمع اللغة العربية بالقاهرة قرارا مؤداه «أن العرب الذين يوثق بعربيتهم ويستشهد بكلامهم هم عرب الأمصار إلى نهاية القرن الثاني وأهل البدو من جزيرة العرب إلى نهاية القرن الرابع»،
10
باعتبار أن لغة العرب بقيت نقية خالصة في البوادي حتى نهاية القرن الرابع الهجري، وفي الحواضر حتى نهاية القرن الثاني الهجري، قبل أن يعتريها الفساد ويتسرب إليها اللحن.
ولا يخفى على القارئ، فضلا عن ديكتاتورية الزمان، أن هذا خلط آخر: خلط عصور، فقد امتدت الفترة التاريخية للغة المجموعة حوالي خمسة قرون، وتعامل النحاة مع هذه المادة اللغوية على أنها تنتمي إلى نظام لغوي واحد، وتعذر عليهم أن يدركوا أن اللغة ظاهرة اجتماعية تتغير عبر الزمن، وأن من الخطأ أن تأخذ مادة لغوية مستقاة من القرن الثاني قبل الهجرة مأخذ مادة من القرن الرابع الهجري وتدرجها في نظام لغوي واحد (أو «حالة» لغوية واحدة بتعبير فرديناند دي سوسير). لقد فطن النحاة إلى ظاهرة التغير اللغوي الناجم عن عوامل خارجية فحددوا فترة الاستشهاد، غير أنهم فيما يبدو لم يفطنوا إلى ظاهرة التغير اللغوي الناجم عن عوامل داخلية في اللغة ذاتها، وآية ذلك أنهم أخذوا شواهدهم من فترة زمنية هي نفسها كافية لحدوث تغير كبير.
لم يشأ العرب، كما يقول د. كمال بشر، «أن يأخذوا عامل الزمن في الحسبان؛ فلم يعترفوا على ما يبدو بأن اللغة ظاهرة اجتماعية قابلة للتطور على مدى الأيام، وقد جاءت خطة دراستهم العامة على وفق هذا التصور غير الدقيق.»
11 (5) ديكتاتورية المكان
Неизвестная страница