Лингвистические заблуждения: третий путь к новой классике
مغالطات لغوية: الطريق الثالث إلى فصحى جديدة
Жанры
ابن جني
لسنا هنا بصدد تصويب
65
كلمة أو كلمات، وليس هذا من غرض الكتاب في شيء، إنما نحن بصدد تصويب منطق وتقويم منهج وتصحيح فكر. إن فينا قوما تملكهم «إرهاب معجمي» و«سادية لغوية»، يقومون من زمن بوظيفة شرطة لغوية مولعة بتحرير المخالفات، وبلعبة قل ولا تقل، ينصبونها للتسلط والتسلي، «كفعل الهر يحترش العظايا!»، ويغالون في ذلك إلى حد «تصحيح الصحيح»! يظن هؤلاء أنهم يحسنون إلى اللغة وهم يؤذونها غاية الإيذاء وينشرون فيها الفوضى والاضطراب، ويبثون في الناس اليأس من الفصحى والانصراف عنها، وها هي العربية تحتضر على أيديهم الخشنة، وليس موت اللغة سوى أن تهجر اللسان، يظن هؤلاء أنهم يصلحون اللغة وهم يهزون القارب وينخرون فيه نخرا منكرا، لقد أضلتهم القواعد (البعدية) فسلبتهم السليقة (القبلية)، وكأنا بالذيل يهز الكلب والعربة تتقدم الحصان.
لماذا كان العربي القديم يتكلم بسجية تعنو لها القواعد وتأتي بعدها ووراءها وعلى قدها، حتى لقد شرع السماع وأصبح الذوق قواعد، بينما قلبنا نحن الآية وبدأنا بالقواعد نتحنث في محرابها ونطوع لها الذوق، حتى ضجر الناس من العربية، وانفضوا عن الخطأ والصواب، وفقدوا الذوق والقواعد؟!
متحف
يقولون: قل متحف بضم الميم ولا تقل متحف بفتحها؛ لأنه اسم مكان لموضع التحف الفنية، والأصل «أتحف» الرباعي وليس «تحف» الثلاثي الذي لم يرد، وعليه يكون اسم المكان هو «مفعل» بضم الميم وفتح العين.
والآن علينا أن نسجل أولا أن كلمة «متحف» بضم الميم ثقيلة الظل تشارك بسهم في كراهة اللغة العربية والازدراء بها والضحك عليها، وكلنا يحس بعد نطقها بوعكة لا يدري كنهها، فاستفت قلبك فيها وإن أفتاك الناس. ثم علينا أن نتساءل: لماذا كان ذلك؟ والجواب، ببساطة؛ لأنها خطأ، ولأنها غير ما نعنيه جميعا إذ ننطق بهذه الكلمة البسيطة ونعني بها المكان الذي تجمع فيه التحف لا المكان الذي تعطى فيه وتمنح (وهو ما لا يحدث في دور الآثار!)، إنها موضع «التحف» لا «الإتحاف». وللأستاذ الدكتور محمد كامل حسين، عضو المجمع اللغوي، وقفة عز مع هذه الكلمة وغيرها، يخلص منها إلى دروس لغوية ثمينة. يقول سيادته في مجلة المجمع، ج22، 1967: «والمتحف» بضم الميم كلمة سقيمة سيئة المبنى، وهي خطأ، وليس لها من العربية إلا انطباقها على قاعدة صرفية، وقد سبق أن وصفت الكلمات المهجورة بأنها من ورق أهل الكهف، صحيحة ولكنها غير قابلة للتداول، أما كلمة «متحف» فهي من العملة المزيفة التي ليس لها من العربية إلا مظهرها، وقد جاء في «معجم الصواب اللغوي » أن مجمع اللغة العربية اعتمد على كثرة اشتقاق العرب من الأسماء الجامدة مثل «أثث» بمعنى وطأ، و«تبغدد» بمعنى انتسب إلى بغداد أو تشبه بأهلها، و«تفرعن» بمعنى تخلق بخلق الفراعنة، فأقر الاشتقاق من أسماء الأعيان من غير تقييد بالضرورة لما في ذلك من إثراء للغة، وكان قد أقر أيضا جواز تكملة فروع مادة لغوية لم تذكر بقيتها في المعاجم. وقد أقر المجمع استعمال كلمة متحف بضم الميم وفتحها: بالضم على أنها اسم مكان من «أتحف» وبالفتح على أنها اسم مكان مشتق من الفعل الثلاثي «تحف» المأخوذ من كلمة «تحفة».
يقول د. محمد كامل حسين: «على أن معنى متحف ليس صحيحا إلا من حيث مطابقته لقواعد الصرف، أما الذوق اللغوي فيأباه، والذوق يدق عن القواعد؛ ذلك أن اشتقاق اسم المكان من أفعل المتعدي نادر جدا، وأكثره من الأفعال اللازمة، فإذا كان الفعل يأتي لازما مثل أقام فإن اسم المكان يشتق من معناه اللازم فالمقام من أقام بالمكان، ولا أعرف أن أحدا يسمي مكان الصلاة مقام الصلاة وإن صح ذلك من جهة قواعد الصرف. ولا أريد أن أعرض لنظرية السماع والقياس، ولكني أقول إن العربي الذي فرض اللغويون وجوده وسط الجزيرة العربية لا يختلط بالأعاجم هو الذي قال ب «المأسدة»،
66
Неизвестная страница