وقد نجد الأشياء ئنما إنما تكون وتفسد في المكان والمكان إنما يقبل التغيير من الأركان الأربعة بتغيير الزمان وانتقاله عليه والأزمنة إنما يكون تغييرها وانتقالها من حال إلى حال بحركة الشمس في البروج الاثني عشر فيجب إذن أن يكون ويفسد الأشياء بعلة مسير الشمس في البروج الاثني عشر لأن بسيرها في البروج يكون اختلاف الأزمان وباختلاف الأزمان يكون اختلاف الطبائع وباختلاف الطبائع يكون الكون والفساد بإذن الله
والأشياء التي تكون وتحدث في هذا العالم منها أشياء تكون في وقت معلوم من أوقات السنة ومنها ما تكون في كل أوقات السنة وأيامها فالأشياء التي تكون وتحدث في وقت معلوم من السنة فكما نجد زمان الربيع يحدث فيه من حال الهواء وكون كثير من الحيوان والشجر والأعشاب وولادة كثير من البهائم شيء لا يحدث في غيره من أرباع السنة وكذلك الصيف نجد فيه من الحر وتغيير الهواء والأبدان ونضج الثمار وكون أشياء وفساد أشياء لا نجده في غيره من الأرباع السنة وكذلك الخريف والشتاء نجد لكل ربع كونا وفسادا لشيء لا يكون في غيره من أرباع السنة وذلك كما نرى الفواكه والثمار والأعشاب وكثير من النبات الذي يكون في الربيع يفسد في الخريف والذي يكون في الصيف يفسد في الشتاء ونجد كل فصل من فصول السنة الأربعة إنما يكون إذا كانت الشمس في ربع من أرباع الفلك فظاهر بين أن تلك الأشياء التي تكون وتفسد في أرباع السنة إنما هي لعلة كون الشمس في تلك الأرباع ولأنا نجد الشمس في كل سنة من السنين إذا كانت في ذلك الربع لا يكون حال الهواء والحر والبرد والنبات وسائر الأشياء على مثل ما كان عليه قبلها من السنين ولا يكون على ما بعدها من السنين المستقبلة بل يكون مختلفا إلى الزيادة والنقصان فعلمنا أن ذلك الاختلاف إنما هو لمقارنة الكواكب للشمس ولو كانت الشمس وحدها علة الهواء والأزمنة لكان كل ربيع مثل غيره من الربيع وكان كل شيء مثل غيره وكان يكون فصول كل سنة مثل فصول غيرها من السنين فإذن للكواكب شركة مع الشمس في الدلالة على الكون والفساد
Страница 258