فأجاب على الفور:
إنني، مع كرامتي لنفسي، الرجل الذي يعتبر قاعدة الثاني بعد ولي العهد في المكانة؛ ولا أظن أن الرغبة السنية تقصد الحط من هذا المركز القديم. والباب العالي - الذي لا يستطيع غض النظر عن نفوذ الذات السنية - كيف يوجه هذ التهمة الشائنة إلى رجل لم ينفض بعد غبار السفر عن رجله في مجد السلطان؟! وإن الباب العالي حر في ما يجب أن يفعله.
فسكت الباب العالي.
وهل شهر رمضان، وكانت القطيعة بين هيئة الدولة والإمارة طول الشهر. وفي ليلة العيد، جاء قائد الجندرمة عثمان بك إلى دائرة الأنجال، وقال للمرحوم الملك علي: لقد وردت برقية إلى الوالي في أن يزور الذات الهاشمية معتذرا، فهل يقبله سيدنا؟ فقلنا: لا شك، ولكن تفضل اعرض عليه ذلك. وبعد الاستئذان، ولما مثل بين يديه، قال له عثمان بك: كيف حالك وما سبب انقطاعك؟ فقال له: أما أنا، فكما تعلم الدولة أنني إن عجزت عن المحافظة على حقوقي ، فإنني أعجز عن حفظ حقوقها. فتقدم عثمان بك وقبل يده وعرض عليه ما جاء به، فقال: مرحبا به، وهو زميلي السابق، إذ كنا جميعا في دائرة الداخلية لشورى الدولة؛ وليكن الاجتماع غدا في مصلى العيد، ثم يأتي بمعيتي إلى دار الإمارة، ثم نزور الولاية والقيادة كالمعتاد، فإن هذا أليق وأجمل. فوقع ذلك كما أراد.
ثم أعقبت هذا وثبة إيطاليا على طرابلس الغرب، فأبدل الصدر الأعظم إبراهيم حقي باشا بالصدر الأعظم سعيد باشا، المعروف بشابور سعيد. فأبرق إليه الأمير يقول:
أرجو أن تلاحظوا البرقيات المتبادلة بين الصدارة والإمارة، من تاريخ كذا إلى تاريخ كذا، وبها تفاصيل الحادث.
فكان أن نقل الوالي حازم بك، عزلا، إلى ولاية بيروت، بعد ثمان وعشرين ساعة. وعندها قال لنا: لو طأطأت رأسي لما أرادوا لما رفعت ذلك الرأس أبدا.
وعلى ذكر الوالي حازم بك، أقول إن الصدر السابق إبراهيم حقي باشا كان يلتزمه. وقد قال له حقي باشا يوم وداعي له، وأنا قاصد إلى الحجاز، عندما طلبني المرحوم الوالد لأكون بالخدمة في ذلك المغزى: إن سفير بريطانيا العظمى يشتكي من سعود بن عبد العزيز بن سعود (المشهور بالعرافة) وتنزيل والدك، بأنه بسبب المساعدات المتوالية له من سيادة الشريف، يخرب على أمير نجد عبد العزير بن عبد الرحمن الفيصل، وإن هذا الأمير له صلة عهد بحكومة الهند، وإنه يطلب كف يد المذكور عن هكذا حركات. فقال الصدر الأعظم: أقبل أيادي الأمير، وأرجوه ألا يفتح علينا باب إشكال مع بريطانيا، فأنا على غير استعداد لمجاراته، ومسألة الكويت لا تزال نصب الأعين ...
وهكذا كانت مجريات الحال منذ ذلك الحين.
مع اللورد كيتشنر
Неизвестная страница