Мои воспоминания 1889–1951
مذكراتي ١٨٨٩–١٩٥١
Жанры
إخوتي الأشقاء.
وبالرغم من صغر سني إذ ذاك فإني أذكر صورتها جيدا، وأذكر حنانها علي وعلى إخوتي الأشقاء أمين وأحمد وإبراهيم. وكانت سيدة كاملة الصفات والأخلاق، عرفت بين أفراد العائلة بطيبة القلب، وصفاء النفس، والخصال الحميدة. وقد عشت بعدها يتيما من الأم، ولم أجد بعدها من يحبوني بحنو الأمومة. ولا أدري ماذا كان تأثير حرماني من هذا الحنو في نشأتي ونفسيتي وحياتي. على أن الذي أستطيع أن أدركه من هذا الأثر أني ظللت على حبي لها وتمجيدي لذكراها طوال السنين، وتملكني مع الزمن شعور بأني مدين لها بما حباني الله من مواهب (بحسب ظني). وزاد هذا الشعور رسوخا في نفسي ما لاحظت من اجتماع هذه المزايا في إخوتي لأمي؛ فمنهم شقيقي أحمد، ثم شقيقي أمين الذي كان يكبرني بسنتين، ثم شقيقي الأصغر إبراهيم.
كان أخي أحمد قد انتظم في الأزهر، وعرف بالذكاء والميل إلى الشعر والأدب، ومات في شرخ الشباب سنة 1903.
أما أخي أمين فلست في حاجة إلى التنويه بمنزلته في الجهاد ومكانته في الصحافة، وقد توفاه الله في 29 ديسمبر سنة 1927 في سن مبكرة؛ إذ لم يتجاوز الحادية والأربعين من العمر.
وكان إبراهيم من نوابغ مدرسة المهندسخانة وأول خريجيها عام 1913. وقد حدثني زملاؤه في التلمذة والتخرج أنه كان مشهودا له بينهم بالنبوغ والتفوق، وقد عين معيدا في المدرسة عام تخرجه منها. وعندي منه خطابات تدل على ميله إلى الأدب منذ صباه؛ ومنها كتاب أرسله إلي في 9 أبريل سنة 1910 وهو بعد طالب بالمهندسخانة لمناسبة اشتغالي بالمحاماة قال فيه:
أخي العزيز، سلام يتبعه تسليم، مزاجه من تسنيم. مضت مدة ليست بالقصيرة كنت أستطلع فيها أخبارك من السيد أمين، فكنت أبتهج كلما علمت أنك سائر في طريق النجاح غير هياب ولا وجل، مع العلم بأن كثيرا ممن سلكوا سبيلكم هذا ما عتموا أن طرقوا بابه حتى ولوا على أعقابهم مدبرين، فأساءوا إلى أنفسهم وأساءوا إلى غيرهم؛ لأن كل من وصله خبرهم اتخذهم حجة دامغة وتقاعد بل تقاعس هو عن العمل، فيصبح الكل وهم عضو أبتر، عضو أشل في كيان هذه الأمة. ولكنك أيها الأخ قد ألقيت علي وعلى كثير من إخواني درسا من دروس المكافحة في هذه الحياة. فلتسر في حياتك الجديدة، ولتواصل المسير في تلك المعمعة، ولتستمر في تتميم ذلك البناء الذي وضعت أول حجر في أساسه من مدة وجيزة، ولتكن على يقين من أنك ستحيي ميت رجاء كثير من الطلبة الذين استولى عليهم القنوط وظنوا أن أبواب الفوز والنجاح موصدة في وجوههم مغلقة دونهم، ولكنك بإذن الله سبحانه وتعالى ستكون حجة على هؤلاء المتقاعدين فيحذون حذوك، فيكون لك بذلك كمال الشرف وشرف الكمال. فعليك مني السلام يوم دخلت في ذلك الدور الجديد من الحياة، وسلام عليك يوم تخرج منه وقد كللت أعمالك بالفوز والمنفعة لبلادنا المفتقرة إلى كثير ممن لا يبالون بما يصادفهم من العثرات، بل يمرون عليها وهم شم الأنوف كأن لم تكن تلك الحوائل شيئا مذكورا. والسلام.
من المخلص
أخيك إبراهيم
ويبدو لي أن مستقبلا زاهرا كان ينتظر أخي إبراهيم لولا أن عاجلته منيته وهو في ريعان الشباب؛ فقد عين رحمه الله مهندسا للري بمديرية الفيوم ومحل إقامته في «طامية»، وأصيب هناك بحمى التيفوئيد التي قضت على شبابه في يوليو 1915. (2) والدي
هو الشيخ عبد اللطيف الرافعي. ويرجع أصله البعيد إلى الحجاز؛ إذ هو من سلالة عمر بن الخطاب رضي الله عنه؛ ولذلك سمي الفاروقي. وهو من علماء الأزهر. تولى مناصب القضاء الشرعي منذ سنة 1877. وكان حين ولادتي قاضيا لمحكمة البحيرة الشرعية. ونقل قاضيا للشرقية في يونيو سنة 1889، ثم قاضيا للغربية في سبتمبر سنة 1891، فقاضيا للشرقية سنة 1895، فعضوا بمحكمة مصر الشرعية سنة 1897، فمفتيا لثغر الإسكندرية سنة 1898، وبقي يتولى هذا المنصب إلى أن أحيل إلى المعاش في ديسمبر سنة 1909، واستقر بالإسكندرية منذ تعيينه مفتيا لها ومكث بها بعد إحالته على المعاش، ولما مرض مرضه الأخير انتقل إلى القاهرة حيث توفي بها في 24 يناير سنة 1918.
Неизвестная страница