بسم الله الرحمن الرحيم المعروف بيتيمة الدهر في محاسن أهل العصر. وخدمت به خزانة الصاحب الصدر الكبير، العالم، العادل، المجاهد، المؤيد، المظفر، المنصور، تاج الدين، مجد الإسلام، وعضد الأنام، حسام الدولة، همام الملة، نصرة المجاهدين، فاهر المتمردين، منصف المظلومين من الظالمين، عز الصدور، ظهير الجمهور، اختيار الإمامة المكرمة، عرس الخلافة المعظمة، كريم العراق، طاهر الأعراق، سند المسلمين، أخي الملوك والسلاطين، سيف أمير المؤمنين، أبي الفتوح علي بن. . .، وعمر بالثناء والحمد ناديه. وأنا أعتذر من سهو يقع، وخرق لا يرقع. ومن اقتضى العفو ارتضى الصفو، وما خلا أحد من عاب، ولا رفع قلم عن كتاب. قال أبو عبيدة: الشعراء الجاهلية ثلاثة، امرؤ القيس، والنابغة، وزهير. وسنذكرهم، ومن بعدهم على أوجز ما يكون من الاقتصار، وأحسن ما يليق من الاختصار. فإن المذاكرة لا تحتمل الإسهاب والإضجار. ولم أذكر إلا النوادر الغريبة الحسان، ومن الشعراء الذين لم يعرفهم إلا القليل من الأعيان. وابتدأت بذكر الشعراء الملقبين، الذين منهم من لقب بشعر قاله، ومنهم من لقب بعلامة فيه، أو بظاهر من لونه، أو بمشهور من فعله، ومنهم ببلده أو بكنيته. ألقاب الشعراء فصل فيمن لقب بشعر قاله فممن لقب من الشعراء ببيت قاله مدرج الريح لقوله: أعرفتَ رسمًا من سميةَ باللوى ... درجتْ عليهِ الريحُ بعدكَ فاستوى ويروى عنه أنه لما عمل نصف هذا البيت ارتج عليه، وأقام يكره مدة سنة، ولا يقدر يعمل له عجزًا. وكان قد دفن في نفس المنازل التي كان ينزلها دفينة، فذكرها وقال لجاريته أن تمضي وتخرج الخبيئة من تلك البرية والموضع الذي أعطاها علامته. فمضت الجارية، وقد اختلفت الرياح على تلك الأراضي، وعفت آثارها. فعادت ولم تجد شيئًا. فسألها عن الحال، فقالت: درجتْ عليهِ الريحُ، بعدكَ، فاستوى فتمم بيته بهذا، وسمي مدرج الريح. ومنهم المرقش، واسمه عمرو بن سفيان، وهو مرقش الأصغر. وسمي مرقشًا لأن وجهه كان منقطًا. وقال: كما رقش في ظهرِ الأديمِ قلمْ ومنهم الممزق لقوله: وإنْ كنتُ مأكولًا، فكنْ أنتَ آكلي ... وإلاّ فأدركني ولما أمزقِ ويروى أن عثمان كتب بهذا لبيت إلى علي، وهو محصور. ومنهم المخرق، نسب نفسه إلى الممزق، وقال: أنا المخرقُ أعراضَ اللئامِ، كما ... كانَ الممزقُ أعراضَ اللئامِ أبي ومنهم المثقب، واسمه عائذ بن الأحمر بن وائلة. وإنما سمي مثقبًاَ لقوله: أرينَ محاسنًا، وكننَّ أخرى ... وثقبنَ الوصاوصَ للعيونِ الوصاوص: البراقع. ولقوله: ظعائنٌ لا شوقي بهنَّ ظعائنٌ ... ولا الثاقباتُ من لؤي بنِ غالبِ الثاقبات: يريد المصيبات. ومنهم النابغة الذبياني، واسمه زياد بن معاوية بن ضباب بن جابر بن يربوع بن ذبيان. قيل: إنما سمي النابغة لقوله: وحلتْ في بني قينِ بنِ جسرٍ ... وقد نبغتْ لا منهمْ شؤونُ وقل آخر: إنما سمي النابغة لأنه نبغ بالشعر. والنوابغ أربعة: نابغة بني ذبيان، ونابغة بني جعدة، وهو قيس بن عبد الله، ونابغة بني الحارث، وهو يزيد بن إبان، ونابغة بني شيبان، وهو عبد الله بن المخارق. سموا لأتهم نبغوا بالشعر بعدما كبروا. ومنهم الخلج، واسمه ناجية بن مالك. وسمي الخلج بقوله: كأنَّ تخالجَ الأشطانِ فيها ... شآبيبٌ تجودُ مع الغوادي ومنهم شقرة، واسمه معاوية بن الحارث. سمي شقرة لقوله: وقد أحملُ الرمحَ الأصمَّ كعوبهُ ... بهِ من دماءِ القومِ كالشقراتِ والشقرات: الشقائق. وإنما سميت بذلك لأن النعمان بنى مجلسًا، وسماه الضاحك، وزرع فيه الشقرات، فسمي شقائق النعمان. ومنهم المفضل، واسمع عامر بن معشر بن أسحم بن عدي بن شيبان. وإنما سمي المفضل بقوله في قصيدته المنصفة: فأبكينا نساءهم، وأبكوا ... نساءً ما يسوغُ لهنَّ ريقُ ومنهم المقرض، واسمه زهدم بن معد بن عبد الحارث. وإنما سمي مقرضًا لقوله: وأنا المقرضُ في جنو ... بِ الغادرينَ بكلِّ جارِ تقريضَ زندةِ قادحٍ ... في كلها يورى بنارِ

1 / 1

ومنهم المكواة، واسمه عبد الله بن خالد بن حجبة بن عمرو. وإنما سمي المكواة لكثرة ذكره الكي في شعره، ولقوله: ومثلكَ قد عللتُ بكأسِ غيظٍ ... وأصيدَ قد كويتُ على الجبينِ ولقوله: لجيمٌ وتيم الله عزي وناصري ... وقيسٌ بها أكوي النواظرَ من صدِّ ومنهم الحتات، واسمه بشر بن رديح بن الحارث بن ربيعة. وإنما سمي الحتات لقوله: ومشهدِ أبطالٍ شهدتُ كأنما ... أحتهمُ بالمشرفيِّ المهندِ الحت: أقل من النحت. ومنهم الهجف، واسمه كعب بن كريم بن معاوية. وإنما سمي الهجف لقوله: يرجي ابنُ معطٍ درها وانتحالها ... هجف جفتْ عندَ الموالي فأصعدا الهجف: الظليم المسن. ومنهم البعيث، واسمه خداش بن لبيد. وإنما سمي البعيث لقوله: تبعثَ مني ما تبعثَ بعدما ... أمرتْ قواي، واستمرَّ عزيمي أي: أبصرت عزمي، فمضيت على ما أعزم عليه. لأنه إنما قال الشعر وقد أسن. ومنهم ذو الخرق، واسمه بن شريح. وإنما سمي ذا الخرق لقوله: لا يألفُ الدرهمُ المصرورُ خرقتنا ... لكنْ يمرُّ عليها، ثمَّ ينطلقُ ومنهم أعمر، واسمه منبه. وإنما سمي أعمر لقوله: قالتْ عميرةُ ما لرأسكَ بعدما ... طالَ الزمانُ أتى بلونٍ منكرِ أعميرَ إنَّ أباكَ شيبَ رأسهُ ... مرُّ الليالي، واختلافُ الأعصرِ والأعمر: الدخان. وقيل: إنه دخن على قوم في غار، فماتوا. ومنهم قاتل الجوع، واسمه أمرؤ القيس بن كعب بن عمرو. وإنما سمي قاتل الجوع لقوله: قتلتُ الجوعَ في الشتواتِ حتى ... تركتُ الجوعَ ليس له نكيرُ ومنهم مزرد، واسمه يزيد بن ضرار الكلبي. وسمي مزردًا لقوله: ظللنا نصادي أمنا عن حميتها ... كأهل شموسٍ، كلنا يتوددُ فجاءتْ بها صفراءَ ذاتَ أسرةٍ ... تكادُ عليها ربة النحي تكمدُ فقلت: تزردها عبيدُ، فأنني ... لدردِ الموالي، في السنين، مزردُ الحميت: النحي المربوب. فإذا لم يرب فهو نحي. وإنما سمي حميتًا لأنهم يعملونه بالرب. والحميت: المتين. ومنهم ذو الرمة، واسمه غيلان بن عقبة. وإنما سمي ذا الرمة لقوله: لم يبقَ غيرُ مثلٍ ركودِ ... غيرُ ثلاثٍ باقياتٍ، سودِ وبعدَ مرضوخ ِالقفا، موتودِ ... أشعثَ باقي رمةِ التقليدِ الرمة: بقية حبل خلق. ورمت العظام: بليت. ومنهم القطامي، واسمه عمرو، ويقال: عمرة. وإنما سمي القطامي بقوله: يحطهنَّ جانبًا فجانبا ... حطَّ القطاميِّ القطا الهوازبا والقطامي: الصقر. ويقال القطامى. ومنهم الحطيم، واسمه نعمان بن مالك. وسمي الحطيم لقوله: سلِ الحطيمَ، اليومَ، عن غمامهْ ... خالمها، فرضيتْ خلامهْ غمامة: امرأة من دارم. وخالمها: صادقها. والخلم: الصديق. ومنهم الغريب، وهو نعيم بن سليم. وإنما سمي الغريب لقوله: إسمي نعيمٌ، وأنا الغريبُ ... إسما كريمٍ بهما أحببُ ومنهم عائد الكلب، وهو عبد الله بن مصعب بن عبد الله بن الزبير. وإنما سمي عائد الكلب لقوله: مالي مرضتُ فلم يعدني عائدٌ ... منكمْ، ويمرضُ كلبكمْ فأعودُ ومنهم الأسعر، وكان قديمًا من الشعراء، واسمه مرثد بن أبي حمران. وإنما سمي الأسعر لقوله: فلا يدعني قومي لسعدِ بن مالكٍ ... لئن أنا لم أسعرْ عليهم، وأثقبِ أي: أوقد. والسعر: وقود النار والحرب. وقيل: سمي الأسعر لدقة ساقيه. ومنهم الصامت، واسمه عمرو بن الغوث من طيء. وسمي الصامت بقوله: رأتني صامتًا لا قولَ عندي ... ألا إنَّ الغريبَ هو الصموتُ ومنهم عارق، واسمه قيس بن جروة بن سيف وائلة. وإنما سمي عارقًا لقوله: لئنْ لم نغيرْ بعضَ ما قد فعلتمُ ... لأنتهشَ العظمَ الذي أنا عارقهْ ومنهم العجاج. وإنما سمي العجاج لقوله: حتى يعجَّ ثخنًا من عجعجا العج: رفع الصوت. والثخن: الغلبة. ومنهم الخطفي، واسمه حذيفة بن بدر بن سلامة بن عوف. وإنما سمي الخطفي بقوله: يرفعنَ لليلِ إذا ما أسدفا ... أعناقَ حياتٍ، وهامًا رجفا وعنقًا بعدَ الكلالِ خيطفا الخيطف: السريع.

1 / 2

ومن الشعراء المحدثين المرعث، وهو بشار بن برد، واسمه المرعث مولى عقيل، وكان أعمى. وقيل له المرعث لقوله: منْ لظبيٍ مرعثٍ ... ساحرِ الطرفِ والنظرْ قال لي: لستَ بنائلي ... قلتُ: أو يغلبُ القدرْ وقيل: سمي بالمرعث لأنه ولد وهو مشقوق طرف الأذن، فقالوا: ولد مرعثًا، أي لم يحتج إلى أن تثقب أذنه. ومنهم شهوات، واسمه موسى. وإنما سمي شهوات لقوله في يزيد بن معاوية: لست منا، وليس خالدُ منا ... ما نضيعُ الصلاةَ للشهواتِ ومنهم عويف القوافي، وهو عويف بن عيينة بن حصن. وسمي بذلك لأنه قال: سأكذبُ منْ قد كان يزعمُ أنني ... إذا قلتُ قولًا لا أجيدُ القوافيا ومنهم الفرار، الذي قال رسول الله ﷺ لنبي سليم: إلى من أرفع لواءكم؟ قالوا: إلى الفرار. فكره صلى الله عليه ذلك. فقالوا: إنما اسمه حيان بن الحكم، وغنما سمي الفرار لقوله: وكتيبةٍ ألبستها بكتيبةٍ ... حتى إذا ألتبستْ نفحتُ بها يدي ويروى: نفضت بها يدي. هل ينفعني أنْ تقولَ نساؤكمْ ... وكلت خلفَ شريدهم: لا تبعدِ ومنهم طرفة، واسمه عمرو بن العبد بن سفيان بن سعد بن مالك. وإنما سمي طرفة لقوله: لا تعجلا بالبكاءِ اليوم مطرفًا ... ولا أميركما، بالدارِ، إذْ وقفا قوله: مطرف، أي مجلوب، فهو ينزع إلى وطنه. قال ذو الرمة: كأنني من هوى خرقاءَ مطرفٌ ومنهم صريع الغواني، وهو مسلم بن الوليد الأنصاري. وإنما سمي بذلك لأن الرشيد، ﵁، إستنشده قصيدته: أديرا عليَّ الكأسَ لا تشربا قبلي فأنشده، فلما بلغ حيث يقول: هلِ العيشَ إلا أنْ تروحَ مع الصبا ... وتغدو صريعَ الكأسِ والأعينِ النجلِ فقال الرشيد: سموه صريع الغواني. فهجاه بعضهم فقال: فما ريحُ السذابِ أشدُّ بغضًا ... إلى الحياتِ منكَ إلى الغواني ومنهم مجتني المروءة، وهو عبد الله بن أحمد الحنفي، وكان صديقًا لعبد الله بن المقفع. وإنما لقب بذلك لكثرة ذكر المروءة في شعره وقوله: لا تحسبنْ أنَّ المرو ... ءةَ مطعمٌ، أو شربُ كاس أوْ في الولايةِ والموا ... كبِ، والمراكبِ، واللباس لكنها كرمُ الفرو ... عِ، زكتْ على كرمِ الأساس وقوله أيضًا: ليسَ المروءةُ بالدراهمْ ... بل المروءة بالمكارمُ كم من غنيٍّ سفلةٌ ... ومقلِّ قومٍ ذي معالمُ فصل في ذكر من لقب من الشعراء بعلامة من خلقه وبظاهر من لونه منهم الأخضر، وهو الفضل بن عباس بن عتبة بن أبي لهب. وإنما سمي الأخضر لأنه كان أدمًا شديد الأدمة والأدم عند العرب: الأخضر. ويسمون الأبيض أخضر. وسمي آدم ﵇ لأنه كان أبيض. وقال الفضل: وأنا الأخضرُ منْ يعرفني ... أخضر الجلدةِ من نسلِ العربْ قال: والأخضر أيضًا في كلام العرب: الأسود. ويسمون الليل: الأخضر، والماء: الأخضر. قال الراجز: وعارضُ الليلِ إذا ما أخضرا ولذلك سمي السواد، لكثرة الأشجار، وخضرتها. ومنهم الحطيأة، واسمه جرول بن مالك. وإنما سمي الحطيأة لقصره. ومنهم الأقيشر، واسمه عقبة من بني عميرة. وسمي الأقيشر لشدة حمرة لونه، والأقشر: الشديد الحمرة، وقوله: إني أنا الأقشرُ ذاكم نزبي ... أنا الذي يعرفُ قومي حسبي والنزب والنبز: اللقب. وهذا من المقلوب، وهو النبز. كمل قالوا: جبذ وجذب، وما أطيبه وما أيطبه. ومنهم أيضًا أقيشر آخر، كان يغضب إذا دعوه الأقيشر، ويخاصم. وهو المغيرة بن عبد الله بن الأسود. ودعاه بعضهم بالأقيشر، فقال له: أتدعوني الأقيشرَ، ذاك إسمي ... وأدعوكَ ابن مطفئةِ السراجِ فسمي ذاك الرجل بابن مطفئة السراج. ومنهم الأخطل، وهو غياث بن غوث بن الصلت. وإنما سمي الأخطل لكبر أذنه. والخطل: المسترخية الآذان. يقال: شاة خطلاء، ورجل أخطل، أي عظيم الأذن. والخطل: الحمق. والخطل: خفة وسرعة. ويقال: خطل في كلامه، إذا أخطأ. ومن ألقاب الأخطل: دوبل. وقال جرير: بكى دوبلٌ، لا يرقئ الله دمعهُ ... ألا إنما يبكي من الذلِّ دوبلُ

1 / 3

فلما بلغ الأخطل هذا البيت قال: أخزاه الله، والله لقد سمتني أمي بهذا الاسم يومًا واحدًا وأنا طفل، فمن أين وقع لهذا الخبيث. ومنهم الفرزدق، واسمه همام بن غالب بن صعصعة. وإنما سمي الفرزدق لأنه كان جهم الوجه، فقيل: كأن وجهه فرزدقة، وهو الجردق الكبير. يقال: بالدال وبالذال. والفرزدق أيضًا: الفتوت الذي تشربه المرأة. ولقد قال له بعض أهل المدينة، نكرًا عليه: والله ما نعرف الفرزدق إلا هذا الفتوت الذي تشربه المرأة وتقذفه. فقال: الحمد لله الذي جعلني في بطون نسائكم. ومنهم الزبرقان، واسمه حصين بن بدر. وإنما سمي الزبرقان لأنه كان خفيف اللحية. والعرب تسمي الخفيف اللحية: الزبرقان. وقال قطرب: إنه كان حسن الوجه، فشبه بالقمر، ويقال للقمر: الزبرقان. قال الشاعر: تضيءُ له المنابرُ حين يرقى ... عليها، مثلُ صنوِ الزبرقانِ وقال الخليل: الزبرقان: ليلة أربع عشرة وخمس عشرة. وقال أبو عبيدة: قلت لرجل من ولد الزبرقان: لم سمي الزبرقان، واسمه حصين؟ قال: اشترى حلة خضراء مزبرقة، ثم راح إلى ندي قومه، فقالوا له: زبرقت. وزبرق الرجل ثوبه: إذا صفره، أو حمره. ومنهم الطرماح، واسمه حكم بن حكيم. وإنما سمي الطرماح لطوله. والطرماح: الطويل. قال الشاعر: معتدل الهادي، طرماح العصبْ وقيل: سمي الطرماح لزهوه. والطرماح: الذي يرفع رأسه زهوًا. ومنهم أبو قطيفة، واسمه عمرو بن الوليد بن عقبة. وإنما سمي أبا قطيفة لأنه كان كثير شعر الجسد والوجه. ومنهم الأرقط، وهو حميد بن مالك. وسمي الأرقط لآثار كانت في وجهه. ومنهم الأفوه. سمي بذلك لأنه كان غليظ الشفتين، ظاهر الأسنان. ومنهم النجاشي. سمي بذلك لشدة سواده. ومنهم جحدر. واسمه ربيعة بن ضبيعة بن قيس. وإنما سمي جحدرًا لقصره. ومنهم زياد الأعجم. وإنما سمي الأعجم لأن مولده ومنشأه كان بفارس. ومنهم سديف. واسمه إسماعيل بن ميمون. وسمي سديفًا للونه شبه بالسدف. وسديف تصغير السدف. والسدفة: الظلمة. وهذا من الأضداد. لأن السدفة في الضياء والظلمة. وقال ابن الأعرابي: السدفة ظلمة يخالطها ضوء. ومنهم أبو نواس. واسمه الحسن بن هاني الحكمي. ويكنى أبا علي. وإنما قيل له أبو نواس لذؤابة. كانت في رأسه. والنواس: الذؤابة. ومنه سمي ذا نواس. وقيل: سمي ذا نواس لضفيرتين كانتا تنوسان على عاتقه. والنوس: الحركة من كل شيء مدلى. وقال محمد بن يحيى المقرئ: سألت أبا نواس عن كنيته، ما أراد بها، وهل نواس بفتح النون، أو نواس بضمها؟ فقال: بضم النون، وكان سبب كنيتي أن رجلًا من جيراني بالبصرة دعى إخوانًا له، فأبطأ عليه واحد منهم، فخرج من بابه يطلب من يبعثه إليه، يستحثه. فوجدني ألعب مع الصبيان، وكانت لي ذؤابة في وسط رأسي، فصاح بي: نيا حسن إمض إلى فلان فجئن به. فمضيت أعدو، وذؤابتي تتحرك. فلما جئت بالرجل، قال: أحسنت يا أبا نواس. فشاعت هذه الكنية. ومنهم حماد عجرد. وهو حماد بن عمرو، من أهل الكوفة، مولى بني عامر. وإنما سمي عجردًا لأنه كان مكتنز الخلق "، كثير العضلات، والعجرد من هذه صفته. والعجرد: الغليظ الشديد. ومنهم أبو العتاهية. قال أبو سويد عبد القوي: وإنما سمي أبا عتاهية وكنيته أبو إسحاق، واسمه إسماعيل بن سويد، وبلده الكوفة. وأبو عتاهية لقب. تقول العرب: عته الرجل، وهو يعته، ومعتوه: مدهوش من غير مس الجنون. وتقول العرب: رجل عتاهية، بغير ألف ولام. ومعنى عتاهية من الدهاء. وقال ابن الأعرابي: عتاهية الرجال ضلالهم. ومنهم العث. واسمه زيد بن معروف. والعث: جمع عثة، وهي السوسة. وإنما سمي بذلك لأنه كان أكولًا. والعث يأكل الصوف والخشب وغيره. ومنهم عروة الصعاليك. وهو عروة بن الورد بن زيد بن عبد الله. وإنما سمي بذلك لأنه كان من أفقر من العرب ضمه إليه. فمن كان يمكنه أن يغزو معه غزى، ومن لم يمكنه ذلك جعل له شيئًا في الفيء، وأقعده. والصعاليك: الفقراء. ومنهم المقنع اسمه محمد بن عمير. وإنما سمي المقنع لأنه كان أجمل أهل زمانه، وأحسنهم وجهًا، وأقدهم قامة. وكان إذا كشف وجهه لطمته الجن، فكان يقنع وجهه دهره.

1 / 4

ومنهم علقمة الفحل. وهو علقمة بن عبدة بن ناشرة بن قيس بن عبيد. وإنما سمي الفحل لأنه كان تنازع هو وامرؤ القيس في الشعر، فقال كل منهما لصا حبه أنا أشعر منك. فقال علقمة: قد حكمت بيني وبينك إمرأتك أم جندب، فقال: قد رضيت. فتحاكما إليها، فقالت: ليقل كل واحد منكما شعرًا يصف فيه الخيل، على قافية واحدة. فقال امرؤ القيس: خليليَّ مرابي على أمِ جندبِ ... لنقضيَ حاجاتِ الفؤادِ المعذبِ فقال علقمة: ذهبت من الهجرانِ في غير مذهبِ ... ولم يكَ حقًا طولَ هذا التجنبِ وأنشد كل واحد قصيدته. فقالت لامرئ القيس: علقمة أشعر منك. قال: وكيف ذاك؟ قالت: لأنك قلت: فللسوطِ ألهوبٌ، وللساقِِ درةٌ ... وللزجرِ فيه وقعُ أحرجَ مذهبِ فجهدت في شكه بسوطك وزجرك، ومريته فأتعبته. وقال علقمة: فردَّ على آثارهنَّ بحاصبٍ ... وغيبة شؤبوبٍ، من الشدَّ ملهبِ فأدركهنَّ ثانيًا من عنانهِ ... يمرُّ كمرّ الرائحِ المتحلبِ فأدرك فرسه ثانيًا من عنانه، لم يضربه بسوط، ولم يزجره بساقه، ولم يتعبه. فقال لها امرؤ القيس: ما علقمة بأشعر مني، ولكنك له عاشقة. وطلقها، وخلف عليها علقمة، فكسمي. وله يقول الفرزدق: والفحلُ علقمةُ الذي كانت له ... حلل الملوك كلامه تتنخلُ وأما الجاحظ فأنكر ذلك، وقال: إنما سمي الفحل لأن بعض عياهلة اليمن خصى علقمة بن شبل، فسمي علقمة الخصي، فلما وقع على هذا اسم الخصي، قيل لذاك: الفحل، ليفرق بينهما. ومنهم البرك. وهو عوف بن مالك، وإنما سمي البرك في حرب، لأنه صعد ثنية من جبل، ومعه أمه على جمل، فلما وصل الثنية ضرب عرقوب فرسه البرك، وقال: أنا البرك أبرك حيث أدرك. ومنهم الفند. واسمه شهل بن شيبان بن ربيعة، من بكر بن وائل. وكان شيخًا كبيرًا، يعد بألف. فقدم في بكر بن وائل في سبعين رجلًا. فلما رأتهم بكر بن وائل استقلوهم، وقالوا: ويك تغير بهذا الجمع القليل أيها الشيخ؟ فقال: أما ترضون أن أكون لكم فندا؟ قالا: بلى. والفند: الحجر العظيم، أو القطعة الضخمة من الجبل. سمي بذلك. ومنهم زيد الخيل. وهو زيد بن مهلهل بن زيد. وإنما سمي بذلك لكثرة طراده للخيل، ومغاورته القبائل والأحياء. وسماه رسول الله ﷺ: زيد الخير. ومنهم عنترة الفوارس. وهو عنترة بن شداد. وإنما سمي عنترة الفوارس لكثرة ملاقاته فرسان العرب، وإغارته على أحيائها. وكان فارسًا. ومنهم سليك المقانب. وهو سليك بن عمرو. وإنما سمي المقانب لأنه كان صاحب غارات، وأنشد: وإذا تواكلتِ المقانبُ لم يزلْ ... بالقفرِ منا مقنبٌ معلومُ وكان هذا أيضًا يسمى رئبالًا. والرئبال: اسم للسبع. ومنهم الفاتك. وهو عبد الله بن الحسن. وإنما سمي بالفاتك لفتكه في الحرب. ومنهم المذلق. وهو أوس بن عباد بن عبدود. وإنما سمي المذلق لأن سنانه كان لا يطعن به شيئً إلا أنفذه. فسمي بذلك. وفي ابنه يقول المذلق: متى ألقَ عبادَ بنَ أوسٍ أقلْ لهُ ... عليكَ سلامُ اللهِ يا ابنَ المذلق ومنهم المسيب. واسمه زهير، من ربيعة بن نزار. وإنما سمي المسيب حين أوعد عامر بن ذهل، فقالت له بنو ضبيعة: قد سيبناك. فقال فيه بعض شعرائهم: إذا سركم ألا تؤوبَ لقاحكمْ ... بطانًا، فقولوا لمسيب يسرحِ ومنهم فقيد ثقيف، واسمه عمرو بن عبد الله. وكان سببه أنه عشق امرأة أخيه سفيان، وكتم أمره، ولم يعرف الأطباء داءه. فقال الحارث بن كلدة الثقفي، وكان طبيب العرب: هو عاشق. فدعى بشراب، فصبه في فيه حتى سكر، فأنشا يقول: أهيجُ وأهيجُ، و... حزينًا ما أكوننهْ ألما بي على الأبيا ... تِ بالخيفِ أزرهنهْ غزالًا ما رأيتُ اليو ... مَ في دورِ بني كنهْ غزالًا أحور العين ... وفي منطقهِ غنهْ فقال الحارث: قد عرض ولم يبن. فزاده من الشراب، وعرض عليه نساء العرب، فلما مرت به امرأة أخيه أنشأ يقول: أهلَ ودي ألا اسلموا ... وقفوا كمي تكلموا أخذَ الحيُّ حظهمْْْ ... من فؤادي، وأنعموا فهمُ في كثيرةٍ ... وفؤادي متيمُ وأخو الحبِّ جسمهُ ... أبدَ الدهر مسقمُ طلعتْ مزنةٌ من ال ... بحر ريا تحمحمُ

1 / 5