وإن كان ياتي الكلام في الاول في علم البيان مفصلا فنقول : إن العلائق المسوغة للتجوز لا تختص في عد ، ولا تنتهي الى حد ، على ما عليه جمع من المحققين ، لانه ما بعد كان المداد في المجاز ، على المناسبة والاستحسان عرفا وذوقا ، فوجوه التناسب غير مضبوطة ، ووجهات الحسن غير محصورة كما هو ظاهر.
ولعل ذلك هو السر في عدم مبالغة الاكثرين في حصر أنواع العلاقات وضبطها ، إلا ان جمعا منهم كصاحب المثل السائر حام حول الضبط ، وذكر عدة منها ، وادعى حصرها فيها بالاستقراء.
وتراهم مع دعواهم هذه انهم في تعيين أصل النوع مختلفون ، وفي العدد المعدود أيضا غير متفقين ، حيث قلله بعضهم وكثره آخرون ، وغاية ما قيل : انها خمسة وعشرون.
قال شارح المفتاح في المحكي عن كلامه : إعلم ان العلماء قد حصروا العلاقة المعتبرة في المجاز ، بناء على الاستقراء ، في خمسة وعشرين نوعا.
الاول : إطلاق اسم السبب على المسبب ، كقوله عليه السلام : «بلوا ارحامكم ولو بالسلام» أي صلوا ، فان العرب لما رأت بعض الاشياء يتصل بالبل ، استعاروا البل بمعنى الوصل.
الثاني : بالعكس ، كقوله : بالعطية من ، فان من اعطى فقد من.
الثالث : إطلاق اسم الجزء على الكل ، كقوله تعالى : ( كل شيء هالك إلا وجهه )، أي ذاته.
الرابع : عكسه ، كقوله تعالى : ( يجعلون أصابعهم في آذانهم ).
Страница 69