قدمنَا جملَة أَبْوَاب الْخطاب على الاجماع لِأَن الْخطاب طريقنا الى صِحَّته وَلِأَن تَقْدِيم كَلَام الله سُبْحَانَهُ وَكَلَام نبيه أولى ثمَّ نقدم الْإِجْمَاع على الْأَخْبَار لِأَن الْأَخْبَار مِنْهَا آحَاد وَمِنْهَا تَوَاتر أما الْآحَاد فالإجماع أحد مَا يعلم بِهِ وجوب قبُولهَا وَهِي أَيْضا أَمَارَات فجاورنا بَينهَا وَبَين الْقيَاس وَأما الْمُتَوَاتر فَإِنَّهَا وَإِن كَانَت طَرِيقا إِلَى معرفَة الْإِجْمَاع فانه يجب تَأْخِيرهَا عَنهُ كَمَا أخرناها عَن الْخطاب لما وَجب أَن نَعْرِف الْأَدِلَّة ثمَّ نتكلم فِي طَرِيق ثُبُوتهَا وَإِنَّمَا اخرنا الْقيَاس عَن الْإِجْمَاع لِأَن الْإِجْمَاع طَرِيق إِلَى صِحَة الْقيَاس وَأما الْحَظْر والاباحة فلتقدمه على الْخطاب وَجه غير أَنه لما كَانَ أَكثر الْغَرَض بِهَذَا الْكتاب الْأَدِلَّة الشَّرْعِيَّة الْمَحْضَة قدمت على الْحَظْر والاباحة على الْكَلَام فِي طَرِيق الْأَحْكَام الَّذِي هُوَ أقل إِجْمَالا لأَنا تكلمنا قي الْحَظْر والاباحة على ضرب من الاجمال كَمَا تكلمنا فِي الْأَمر وَالنَّهْي فَجعلنَا الْحَظْر والاباحة فِي هَذِه الْجُمْلَة ثمَّ انتقلنا إِلَى الْكَلَام فِي الطّرق الَّتِي هِيَ اقل إِجْمَالا وقدمناه على كَيْفيَّة الِاسْتِدْلَال بهَا لِأَن كَيْفيَّة الِاسْتِدْلَال بهَا فرع عَلَيْهَا ثمَّ تكلمنا فِي كَيْفيَّة الِاسْتِدْلَال بطرق الْأَحْكَام وَقدمنَا جملَة هَذِه الْأَبْوَاب على صفة الْمُفْتِي والمستفتي لِأَن الْمُفْتِي إِنَّمَا يجوز لَهُ أَن يُفْتِي إِذا عرف جَمِيع مَا ذَكرْنَاهُ من الْأَدِلَّة وَكَيْفِيَّة الِاسْتِدْلَال بهَا والمستفتي إِنَّمَا يجوز لَهُ أَن يستفتي إِذا لم يعرف ذَلِك فَصَارَ الْكَلَام فِي الْمُفْتِي والمستفتي فرعا عى الْمعرفَة بجملة مَا تقدم وَبعد ذَلِك نَنْظُر فِي إِصَابَة الْمُجْتَهد إِذا اجْتهد لنَفسِهِ أَو ليفتي غَيره
فقد أَتَيْنَا على ذكر الْغَرَض بِالْكتاب وَقِسْمَة أبوابه وترتيبها وَنحن نشرع فِي أَبْوَاب الْكتاب وَنَذْكُر كل بَاب فِي مَوْضِعه الَّذِي يَلِيق بِهِ إِن شَاءَ الله ﷿ ﷺ َ - بَاب فِي حَقِيقَة الْكَلَام وقسمته ﷺ َ -
اعْلَم أَن الْكَلَام هُوَ مَا انتظم من الْحُرُوف المسموعة المتميزة وَقد دخل فِي
1 / 9