Муъджиз Ахмад

Абу аль-Маарри d. 449 AH
133

Муъджиз Ахмад

اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي

يقول: إنه من حدة فطنته وشدة ذكائه، صار توهمه علمًا، فيقضي على الأمور الغائبة باليقين، لا بالتوهم والظن. وقيل: أراد أن إقدامه في الحرب، لعلمه بعواقب أمره في أنه يتلقى السلامة. يتفزع الجبار من بغتاته ... فيظل في خلواته متكفنا يقول: إن كل جبار يفزع من أن يهجم عليه بغتةً فيقتله، ويظل لابسًا أكفانه إذا خلا بنفسه. أمضى إرادته فسوف له قدٌ ... واستقرب الأقصى فثم له هنا سوف: للاستقبال، وقدٌ: للمضي وتقريب العهد، فلما جعله اسمًا أعربه، وثم: للمكان البعيد. وهنا: إشارة إلى المكان القريب. يقول: إن مراده طوع أمره فما يريد فعله في المستقبل، بمنزلة ماضي المفعول، والبعيد عنك بمنزلة القريب يجد الحديد على بضاضة جلده ... ثوبًا أخف من الحرير وألينا روى جلده بدل جسمه. والبضاضة: الطراوة والنعومة. يقول: إنه مع نعومة جسمه ولين جلده، يجد الحديد والسلاح على بدنه أخف من الحرير وألين، وإن كان الحرير هو النهاية في الخفة واللين؛ وذلك لتعوده لبس السلاح وألفه له. وأمر من فقد الأحبة عنده ... فقد السيوف الفاقدات الأجفنا يقول: فقد السيوف المجردة من الأغماد، أشد عليه وأمر عنده من فقد الأحبة وبعدهم عنه. لا يستكنٌّ الرعب بين ضلوعه ... يومًا ولا الإحسان ألا يحسنا الإحسان: قيل إنه بمعنى العلم، ومعناه أن الخوف لا يستكن بين ضلوعه: أي لا يدخل ولا يستقر في قلبه وكذلك لا يستقر في قلبه العلم بألا يحسن إلى الناس. أي أنه جواد لا يعلم ترك الإحسان. وقيل الإحسان: هو ترك الإساءة، وهو الإنعام ومعناه: لا يثبت الإحسان حتى يحسن هو إلى الناس، إذ ليس في الدنيا من يحسن إلى الناس غيره. مستنبطٌ من علمه ما في غدٍ ... فكأن ما سيكون فيه دونا مستنبط في يومه ما في غده دون جمع والهاء في فيه يجوز أن تكون للممدوح، ويجوز أن تكون راجعة إلى علمه يقول: إنه عالم بعواقب الأمور يعرف في يومه ما يحدث في غدٍ، فكأن ما سيكون مكتوب عنده، مجموع الصورة لديه. تتقاصر الأفهام عن إدراكه ... مثل الذي الأفلاك فيه والدنا تنقاصر: خبر الأفهام. مثل: نصب؛ لأنه صفة لمصدر محذوف. أي تتقاصر مثل تقاصرها عن الإدراك. الذي هو علم الله تعالى. الذيي الأفلاك فيه. والدنا: جمع الدنيا. فعلى هذا جعل كل أفق منها دنيا، فجاء الجمع لهذا. يقول: إن الأفهام تعجز عن إدراك حقيقته، ويقصر الإدراك عن علم معانيه، كما تعجز عن إدراك حقيقة ما وراء العالم. وهو المراد بقوله: الأفلاك فيه والدنا؛ لأن الناس اختلفوا فيما هو خارج العالم. فقال: كلما لم يعرفوا حقيقته ما ظرف له كذلك لا يعرفون حقيقة صفاتك. وعن ابن جنى: إن المراد بقوله: الأفلاك فيه والدنا، هو الله ﵎. من ليس من قتلاه من طلقائه ... من ليس ممن دان ممن حينا الطلقاء: جمع الطلائق. ودان: أطاع. وحين: دنا حينه، أي هلاكه. ومن ليس مبتدأ، ومن طلقائه خبره. أي من ليس من قتلاه، فهو من طلقائه. وكذلك الثاني. يقول: إنه أفنى العباد ببأسه وسطوته، وملكهم بعفوه، فمن لم يقتله فهو طليق عفوه، ومن لم يطعه فهو ممن دنا حتفه وهلاكه. لما قفلت من السواحل نحونا ... قفلت إليه وحشةٌ من عندنا يقول: إنك لما رحلت عنا استوحشنا لبعدك، فلما رجعت إلينا زالت عنا الوحشة، ورجعت إلى السواحل التي غبت عنها. وكان بدر الممدوح قد خرج إلى الساحل الذي رد إليه عمله، فلما عاد مدحه بهذه القصيدة. أرج الطريق فما مررت بموضع ... إلا أقام به الشذا مستوطنا أرج: أي فاحت منه رائحة الطيب. والشذا: المسك، وقيل: هو حدة ريحه. يقول: إن الطريق الذي سلكته عبق من طيب ريحك، فكل موضع مررت به أقام به الريح طيبًا لا يفارقه، حتى كأنه وطنه. أخذه من قول النميري: تضوع مسكًا بطن نعمان إن مشت ... به زينبٌ في نسوةٍ عطرات إلا أن المتنبي زاد ذكر الاستيطان لو تعقل الشجر التي قابلتها ... مدت محييةً إليك الأغصنا يقول: لو كانت الشجر التي مررت عليها عاقلة عارفة بمحلك، لكانت تمد أغصانها نحوك محييةً ومشيرة بالسلام عليك. سلكت تماثيل القباب الجن من ... شوق بها، فأدرن فيك الأعينا

1 / 133