بِنِصْفِ جِهَازِهَا أَبْطَلَهُ قَاضٍ آخَرُ إذَا رُفِعَ إلَيْهِ.
قَاضٍ قَضَى بِشَاهِدٍ عَلَى خَطِّ أَبِيهِ أَوْ بِبُطْلَانِ الْمَهْرِ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ وَلَا إقْرَارٍ أَوْ بِعَدَمِ تَأْجِيلِ الْعِنِّينِ أَوْ بِبُطْلَانِ مَا زَادَ الزَّوْجُ عَلَى مَهْرِهَا بَعْدَ الدُّخُولِ فَلِلْحَنَفِيِّ أَنْ يُبْطِلَ قَضَاءَهُ " مِنْ شَرْحِ التَّجْرِيدِ ".
وَمِمَّا يَنْفُذُ فِيهِ قَضَاءُ الْقَاضِي: ذَكَرَ فِي خِزَانَةِ الْفِقْهِ اثْنَيْ عَشَرَ مَوْضِعًا يَلْزَمُ الْقَاضِيَ فِيهَا تَنْفِيذُ قَضَاءِ قَاضٍ قَبْلَهُ لِمُصَادَفَتِهِ مَحِلًّا مُجْتَهَدًا فِيهِ: رَجُلٌ زَنَى بِامْرَأَةٍ حَرُمَتْ عَلَيْهِ أُمُّهَا وَابْنَتُهَا عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ، وَلَوْ رُفِعَ الْأَمْرُ إلَى قَاضٍ شَافِعِيِّ الْمَذْهَبِ فَقَضَى بِالْحِلِّ، ثُمَّ رُفِعَ إلَى قَاضٍ حَنَفِيٍّ نَفَّذَهُ؛ لِأَنَّ قَضَاءَ الْأَوَّلِ صَادَفَ فَصْلًا مُجْتَهَدًا فِيهِ وَقَضَاءُ الشَّافِعِيِّ الْمَذْهَبِ إذَا قَضَى بِبُطْلَانِ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ أَوْ الْعَتَاقِ بِالْمِلْكِ فَرُفِعَ إلَى قَاضٍ حَنَفِيٍّ نَفَّذَهُ.
وَكَذَا فِي كِنَايَاتِ الطَّلَاقِ إذَا قَضَى شَافِعِيُّ الْمَذْهَبِ بِكَوْنِهَا رَجْعِيَّةً فَرُفِعَ إلَى قَاضٍ حَنَفِيِّ الْمَذْهَبِ نَفَّذَهُ.
وَكَذَا فِي طَلَاقِ الْمُكْرَهِ وَالسَّلَمِ فِي الْحَيَوَانِ وَرَدِّ الْمَنْكُوحَةِ بِالْعَيْبِ أَوْ قَضَى بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ بِالْقَضَاءِ بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ وَحْدَهُنَّ فِيمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ وَشَهَادَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَالْقَتْلِ بِالْقَسَامَةِ وَمُتْعَةِ النِّسَاءِ بِمَا ذَكَرْنَا.
وَذَكَرَ ظَهِيرُ السُّنَّةِ وَالدِّينِ الْحَسَنُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْخُجَنْدِيُّ فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ: إذَا رُفِعَ الْقَضَاءُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَالْقَتْلُ بِالْقَسَامَةِ إلَى قَاضٍ آخَرَ لَا يُنَفِّذُهُ، وَخِلَافُ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ لَا يُعْتَبَرُ، لِمُخَالَفَةِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فِي الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ، وَلِمُخَالَفَةِ الْإِجْمَاعِ فِي صُورَةِ الْقَسَامَةِ، فَإِنَّ قَوْلَ مَالِكٍ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا فِي الصَّحَابَةِ.
وَأَمَّا الْقَضَاءُ بِجَوَازِ مُتْعَةِ النِّسَاءِ: فَإِنْ قَالَ: أَتَمَتَّعُ بِك شَهْرًا بِكَذَا فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُبْطِلُهُ، فَإِنَّ الصَّحَابَةَ أَجْمَعَتْ عَلَى بُطْلَانِهَا، وَرَجَعَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْهُ.
وَإِنْ قَالَ تَزَوَّجْتُك شَهْرًا، فَعِنْدَ زُفَرَ يَلْغُو التَّأْقِيتُ وَيَجُوزُ النِّكَاحَ، فَكَانَ مُجْتَهِدًا فِيهِ، فَإِذَا قَضَى بِهِ نَفَذَ.
[فَصْلٌ كَانَ الْقَضَاءُ مُجْتَهَدًا فِيهِ عِنْدَ الْبَعْضِ وَعِنْدَ الْبَعْضِ لَا]
(فَصْلٌ):
وَإِنْ كَانَ الْقَضَاءُ مُجْتَهَدًا فِيهِ عِنْدَ الْبَعْضِ وَغَيْرَ مُجْتَهَدٍ فِيهِ عِنْدَ الْبَعْضِ يَتَوَقَّفُ نَفَاذُهُ عَلَى اتِّصَالِ قَضَاءِ قَاضٍ آخَرَ بِهِ؛ لِأَنَّ قَضَاءَهُ إذَا كَانَ مُجْمَعًا عَلَى بُطْلَانِهِ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ لَمْ يَكُنْ مُجْتَهَدًا فِيهِ مُطْلَقًا فَبَقِيَ نَفْسُ الْقَضَاءِ مُخْتَلَفًا فِيهِ، فَيَتَوَقَّفُ نَفَاذُهُ عَلَى قَضَاءٍ آخَرَ بِهِ.
وَذُكِرَ فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ: الْقَضَاءُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ مُجْتَهَدٌ فِيهِ عِنْدَ الْبَعْضِ، وَعَامَّةُ مَشَايِخِنَا عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُجْتَهَدٍ فِيهِ عِنْدَ الْبَعْضِ.
وَكَذَا الْحُكْمُ بِالثُّبُوتِ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الْخَطِّ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ لَا يُنَفَّذُ عِنْدَنَا إلَّا بَعْدَ اتِّصَالِ قَاضٍ آخَرَ بِهِ.
[فَصْلٌ فِيمَا يُحِلُّهُ قَضَاءُ الْقَاضِي وَمَا لَا يُحِلُّهُ]
(فَصْلٌ):
شَهِدَ رَجُلَانِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ بَائِنًا بِزُورٍ. فَفَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ أَوْ آخَرُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ. جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ الْأَوَّلُ، وَحَلَّ لِلزَّوْجِ الثَّانِي وَطْؤُهَا سَوَاءً كَانَ جَاهِلًا بِحَقِيقَةِ الْحَالِ أَوْ عَالِمًا.
وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ الْآخَرُ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ: إنْ كَانَ جَاهِلًا حَلَّ لَهُ وَطْؤُهَا؛ لِأَنَّهُ يَتْبَعُ الظَّاهِرَ وَلَيْسَ يُكَلَّفُ بِمَا فِي الْبَاطِنِ، كَمَا لَوْ اشْتَرَى أَمَةً ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ الْبَائِعَ لَمْ يَكُنْ مَالِكَهَا وَقَدْ وَطِئَهَا الْمُشْتَرِي لَا يُوصَفُ وَطْؤُهَا بِكَوْنِهِ حَرَامًا، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِأَنْ كَانَ الزَّوْجُ أَحَدَ الشَّاهِدَيْنِ لَا يَحِلُّ وَأَمَّا الزَّوْجُ الْأَوَّلُ: فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا فِي الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ وَعِنْدَهُمَا لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا فِي الظَّاهِرِ وَيَحِلُّ فِي الْبَاطِنِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يَحِلُّ.
وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِنَاءٌ عَلَى أَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي بِالْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ يَنْفُذُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا عِنْدَهُ، خِلَافًا لَهُمَا وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ.
(مَسْأَلَةٌ):
وَلَوْ شَهِدَ رَجُلَانِ عَلَى أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّ أَمَتَهُ هَذِهِ ابْنَتُهُ بِزُورٍ فَأَعْتَقَهَا الْقَاضِي وَجَعَلَهَا ابْنَتَهُ فَإِنَّهَا ابْنَتُهُ.
وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا وَتَسْتَنْفِقُ مِنْهُ وَتَرِثُهُ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ جَعَلَهَا بِنْتًا لَهُ، وَهَذِهِ أَحْكَامُ الْبِنْتِيَّةِ، وَهَلْ يَحِلُّ لَهَا أَنْ تَأْكُلَ مِيرَاثَهُ؟ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَحِلُّ، وَعِنْدَهُمَا لَا، بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي بِالنَّسَبِ يَنْفُذُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا عِنْدَهُ خِلَافًا
1 / 31