Муавия ибн Абу Суфьян
معاوية بن أبي سفيان
Жанры
ولا أستقيلك
33 ... أخرجوه فاضربوا عنقه، فقال حجر للذين يلون أمره: دعوني حتى أصلي ركعتين، فقالوا: صل، فصلى ركعتين خفف فيهما، ثم قال: لولا أن تظنوا بي غير الذي أردت لأطلتهما، وقال لمن حضر من قومه: والله لا تطلقوا عني حديدا ولا تغسلوا عني دما، فإني لاق معاوية غدا على الجادة، وضربت عنقه.»
ودهش الناس لهذه المقتلة الجزاف، واهتز لها العالم الإسلامي هزة عنيفة أورثته مبغضة لدولة بني أمية من تلك المبغضات التي كمنت وطالت حتى نسيت أسبابها وبقيت نوازعها، وظل شبح الشهيد الوقور يساور معاوية إلى يوم وفاته، فجاء في رواية ابن سيرين: «إن معاوية لما حضرته الوفاة، جعل يقول: يومي منك يا حجر طويل.»
ولا يحاط بعوارض الفزع التي ألمت بالعالم الإسلامي من جراء هذه المقتلة الباغية، ولكنها قد تتمثل في عارض واحد يدل على كثير، فإن الخبر الذي ذاع عن تسيير حجر وأصحابه إلى دمشق لم يكد يصل إلى السيدة عائشة بالحجاز حتى أوفدت عبد الرحمن بن الحارث يتشفع فيه وفي صحبه، وهي لا تنسى أن أعوان معاوية قتلوا أخاها محمدا شر قتلة، ولا يخفى عليها غلو حجر وأصحابه في حب علي وشيعته، وبينها وبين العلويين من الجفوة ما هو معلوم.
وقد فات معاوية كل عذر في هذه المقتلة حتى ما كان من عذر واه كعذر ابنه يزيد في مقتلة الحسين، فإن يزيد قد أحال الذنب على عبيد الله بن زياد، وانعكست الآية في أمر معاوية وحجر، فكان زياد هو الذي نفض يديه من وزر هؤلاء الشهداء وألقاه على مولاه، وضاق مولاه بانتحال المعذرة بعد حين، فكان جوابه لسائليه مما يخجل الطفل بين الصغار فضلا عن العاهل بين الساسة وفي ذمة التاريخ ... قال له عبد الرحمن بن الحارث: أين غاب عنك حلم أبي سفيان؟ ... فقال: حين غاب عني مثلك من حلماء قومي ... وحملني ابن سمية فاحتملت ... وسألته السيدة عائشة تقول: لولا أنا لم نغير شيئا إلا صارت بنا الأمور إلى ما هو أشد منه؛ لغيرنا مقتل حجر ... أما والله إن كان لمسلما حجاجا معتمرا، وكان الحسن البصري الزاهد المعروف يقول: أربع خصال كن في معاوية لو لم تكن فيه إلا واحدة؛ لكانت موبقة،
34
ثم أحصاها وذكر منها مقتل حجر: «فيا ويلا له من حجر، يا ويلا له من حجر، يا ويلا له من أصحاب حجر.»
وفي رثاء حجر تقول هند بنت زيد الأنصارية:
تجبرت الجبابر بعد حجر
وطاب لها الخورنق
Неизвестная страница