54

Муавия ибн Аби Суфьян: Повелитель правоверных и писец Откровения Пророка - Рассеивание сомнений и опровержение вымыслов

معاوية بن أبي سفيان أمير المؤمنين وكاتب وحي النبي الأمين ﷺ كشف شبهات ورد مفتريات

Издатель

دار الخلفاء الراشدين - الإسكندرية،مكتبة الأصولي - دمنهور

Место издания

مكتبة دار العلوم - البحيرة (مصر)

Жанры

فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٩) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ﴾ (الحجرات:٩ - ١٠)؛ فَقَدْ جَعَلَهُمْ مَعَ وُجُودِ الِاقْتِتَالِ وَالْبَغْيِ مُؤْمِنِينَ إخْوَةً؛ بَلْ مَعَ أَمْرِهِ بِقِتَالِ الْفِئَةِ الْبَاغِيَةِ جَعَلَهُمْ مُؤْمِنِينَ. وَلَيْسَ كُلُّ مَا كَانَ بَغْيًا وَظُلْمًا أَوْ عُدْوَانًا يُخْرِجُ عُمُومَ النَّاسِ عَنْ الْإِيمَانِ، وَلَا يُوجِبُ لَعْنَتَهُمْ؛ فَكَيْفَ يُخْرِجُ ذَلِك مَنْ كَانَ مِنْ خَيْرِ الْقُرُونِ؟ وَكُلُّ مَنْ كَانَ بَاغِيًا، أَوْ ظَالِمًا، أَوْ مُعْتَدِيًا، أَوْ مُرْتَكِبًا مَا هُوَ ذَنْبٌ فَهُوَ قِسْمَانِ: مُتَأَوِّلٌ، وَغَيْرُ مُتَأَوِّلٍ. فَالْمُتَأَوِّلُ الْمُجْتَهِدُ: كَأَهْلِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ، الَّذِينَ اجْتَهَدُوا، وَاعْتَقَدَ بَعْضُهُمْ حِلَّ أُمُورٍ، وَاعْتَقَدَ الْآخَرُ تَحْرِيمَهَا، فَهَؤُلَاءِ الْمُتَأَوِّلُونَ الْمُجْتَهِدُونَ غَايَتُهُمْ أَنَّهُمْ مُخْطِئُونَ، وَقَدْ قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾ (البقرة:٢٨٦)، وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ اللهَ اسْتَجَابَ هَذَا الدُّعَاءَ (١). وَقَدْ أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ عَنْ دَاوُد وَسُلَيْمَانَ ﵁ إنَّمَا حَكَمَا فِي الْحَرْثِ، وَخَصَّ أَحَدَهُمَا بِالْعِلْمِ وَالْحُكْمِ، مَعَ ثَنَائِهِ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْعِلْمِ وَالْحُكْمِ. وَالْعُلَمَاءُ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ، فَإِذَا فَهِمَ أَحَدُهُمْ مِنْ الْمَسْأَلَةِ مَا لَمْ يَفْهَمْهُ الْآخَرُ لَمْ يَكُنْ بِذَلِك مَلُومًا وَلَا مَانِعًا لِمَا عُرِفَ مِنْ عِلْمِهِ وَدِينِهِ. وَإِنْ كَانَ ذَلِك مَعَ الْعِلْمِ بِالْحُكْمِ يَكُون إثْمًا وَظُلْمًا، وَالْإِصْرَارُ عَلَيْهِ فِسْقًا، بَلْ مَتَى عُلِمَ تَحْرِيمُهُ ضَرُورَةً كَانَ تَحْلِيلُهُ كُفْرًا. فَالْبَغْيُ هُوَ مِنْ هَذَا الْبَابِ. أَمَا إذَا كَانَ الْبَاغِي مُجْتَهِدًا وَمُتَأَوِّلًا، وَلَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ أَنَّهُ بَاغٍ، بَلْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ عَلَى الْحَقِّ وَإِنْ كَانَ مُخْطِئًا فِي اعْتِقَادِهِ: لَمْ تَكُنْ تَسْمِيَتُهُ (بَاغِيًا) مُوجِبَةً لِإِثْمِهِ، فَضْلًا عَنْ أَنْ تُوجِبَ فِسْقَهُ.

(١) رواه مسلم.

1 / 58